وقال الآخر (وهو توبة بن الحميّر) :
(١) لعلّك يا تيسا نزا في مريرة |
|
معذّب ليلى أن تراني أزورها |
وقال عبد يغوث بن وقاص الحرثي : [طويل]
(٢) فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن |
|
نداماى من نجران أن لا تلاقيا |
وأمّا قول الطّرمّاح : [سريع]
(٣) يا دار أقوت بعد أصرامها |
|
عاما وما يعنيك من عامها |
فانما ترك التنوين فيه لأنه لم يجعل أقوت من صفة الدار ولكنه قال يا دار ثم أقبل بعد يحدّث عن شأنها ، فكأنه لمّا قال يا دار أقبل على إنسان فقال أقوت وتغيّرت
__________________
ـ من يحب فهاجت شوقه وحزنه ، وحزوى موضع بعينه وأراد بماء الهوى الدمع لأنه يبعثه ومعنى يرفض ينصب متفرقا ، ومنه سميت الرافضة لتفرقهم عن زيد بن علي وترقرقه جولانه في العين.
(٤٥٦) الشاهد فيه نصب تيس لأنه منادى منكور في اللفظ لوصفه بالفعل ولا يوصف به إلا النكرات والقول فيه كالقول في الذي قبله* توعد زوج ليلى الاخيلية لمنعه من زيارتها فجعله كالتيس النازي في حبله والمريرة الحبل المحكم الفتل وهي أيضا طاقة من طاقات الحبل.
(٤٥٧) الشاهد فيه نصب راكبا لأنه منادى منكور إذ لم يقصد به قصد راكب بعينه انما التمس راكبا من الركبان يبلغ قومه خبره وتحيته ولو أراد راكبا بعينه لبناه على الضم ولم يجز له تنوينه ونصبه لانه ليس بعده شيء نكرة يكون من وصفه كما كان في الذي تقدم ، وإنما قال هذا لأنه كان أسيرا ، وقيل هذا البيت لمالك بن الريب فانه قاله في غربته وعند موته بخراسان غازيا وقصته مشهورة.
(٤٥٨) الشاهد فيه رفع الدار وان كان بعدها الفعل وكان الظاهر أن تنصب على ما تقدم إلا أنه لم يجعل أقوت في موضع الوصف إنما ناداها ثم جعل يخاطب غيرها ويخبره عنها فقال أقوت هذه الدار بعد أصرامها أي أقفرت بعد أهلها والأصرام الجماعات واحدها صرم وجعل مدة اقوائها عاما ثم قال وما يعنيك من عامها منكرا على نفسه التشاغل بها والاهتمام بتغيرها في عامها إذ لا يجدى عليه ذلك شيئا.