وانما اختير الوجه الذي تثبت فيه النون في هذا الباب كما اختير في كم اذا قلت كم بها رجلا مصابا وأنت تخبر لغة من ينصب بها لئلا يفصل بين الجارّ والمجرور ، ومن قال كم بها رجل مصاب فلم يبال القبح قال لا يدي بها لك ولا اخا يوم الجمعة لك ولا أبا فاعلم لك والجرّ في كم بها رجل مصاب وترك النون في لا يدي بها لك قول يونس ، واحتجّ بأنّ الكلام لا يستغنى اذا قلت كم بها رجل ، والذي يستغنى به الكلام وما لا يستغنى به قبحهما واحد اذا فصلت بكلّ واحد منهما بين الجارّ والمجرور ، ألا ترى أنّ قبح كم بها رجل مصاب كقبح ربّ فيها رجل ولا حسن بالذي لا يستغنى به الكلام لحسن بالذي يستغنى به ، كما أنّ كل مكان حسن لك أن تفصل فيه بين العامل والمعمول فيه بما يحسن عليه السكوت حسن لك أن تفصل فيه بينهما بما يقبح عليه السكوت ، وذلك قولك إنّ بها زيدا مصاب وإن فيها زيدا قائم وكان بها زيد مصابا وكان فيها زيد مصابا وانما يفرق بين الذي يحسن عليه السكوت والذي لا يحسن في موضع غير هذا ، وإثبات النون قول الخليل وتقول لا غلامين ولا جاريتى لك اذا جعلت الآخر مضافا ولم تجعله خبرا له وصار الأوّل مضمرا له خبر ، كأنك قلت لا غلامين في ملكك ولا جاريتى لك كأنك قلت ولا جاريتيك في التمثيل ولكنهم لا يتكلّمون به ، فانما اختصّت لا في الأب بهذا كما اختصّ لدن مع غدوة بما ذكرت لك ، ومن كلامهم أن يجرى الشيء على ما لا يستعملونه في كلامهم نحو قولهم ملامح ومذاكير لا يستعملون لا ملمحة ولا مذكارا ، وكما جاء عذيرك على مثال ما يكون نكرة ومعرفة نحو ضربا وضربك ولا يتكلم به إلا معرفة مضافا ، وسترى نحو هذا ان شاء الله ومنه ما قد مضى ، وان شئت قلت لا غلامين ولا جاريتين لك اذا جعلت لك خبرا لهما وهو قول أبي عمرو ، وكذلك اذا قلت لا غلامين لك وجعلت لك خبرا لأنه لا يكون اضافة وهو خبر لأنّ المضاف يحتاج الى الخبر مضمرا أو مظهرا ، ألا ترى أنه لو جاز تيم تيم غدىّ في غير النداء لم يستقم لك إلا أن تقول ذاهبون فاذا قلت لا أبالك فهاهنا إضمار مكان ولكنه يترك استخفافا واستغناء ، قال الشاعر (وهو نهار بن توسعة اليشكرىّ) فيما جعله خبرا : [وافر]