وأهل الحجاز ينصبون ، ومثل ذلك قوله : [رجز]
(١) وبلدة ليس بها أنيس |
|
الّا اليعافير والّا العيس |
جعلها أنيسها ، وان شئت كان على الوجه الذي فسرته في الحمار أول مرة وهو على كلا المعنيين اذا لم تنصب بدل ، ومن ذلك من المصادر ما له عليه سلطان الّا التكلّف لأن التكلّف ليس من السلطان ، وكذلك الّا أنه يتكلف هو بمنزلة التكلّف وانما يجيء هذا على معنى ولكن ، ومثل ذلك قوله عزوجل (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ) ومثله (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) ومثل ذلك قول النابغة : [طويل]
(٢) حلفت يمينا غير ذي مثنويّة |
|
ولا علم إلّا حسن ظن بصاحب |
وأما بنو تميم فيرفعون هذا كلّه ، يجعلون اتباع الظنّ علمهم وحسن الظن علمه والتكلّف سلطانه وهم ينشدون بيت ابن الأيهم التغلبي رفعا : [خفيف]
(٣) ليس بيني وبين قيس عتاب |
|
غير طعن الكلي وضرب الرقاب |
__________________
(٥٤٥) الشاهد فيه رفع اليعافير والعيس بدلا من الأنيس على ما تقدم من الاتساع والمجاز واليعافير أولاد الظباء واحدها يعفور والعيس بقر الوحش لبياضها ، والعيس البياض وأصله في الابل فاستعاره للبقر.
(٥٤٦) الشاهد فيه نصب ما بعد الا على الاستثناء المنقطع لأن حسن الظن ليس من العلم ورفعه جائز على البدل من موضع العلم واقامة الظن مقام العلم اتساعا ومجازا كما تقدم ، والمثنوية الاستثناء في اليمين أي حلفت غير مستثن في يمينى حسن ظن مني بصاحبي قام عندي مقام العلم الذي يوجب اليمين.
(٥٤٧) الشاهد فيه رفع غير على البدل من العتاب اتساعا ومجازا كما قالوا عتابك الضرب وتحيتك الشتم أي هذا يقوم لك مقام هذا كما قال جل وعز (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي الذي يقوم لهم مقام البشارة العذاب الأليم ، ونصب غير هو الوجه لأن ما بعدها ليس من جنس ما قبلها وانما قال هذا لما كان بين تغلب وقيس من العداوة والحرب.