فقال من قبل أني أرى حروف الجزاء قد يتصرّفن فيكنّ استفهاما ومنها ما يفارقه ما فلا يكون فيه الجزاء وهذه على حال واحدة أبدا لا تفارق المجازاة
واعلم أنه لا يكون جواب الجزاء الّا بفعل أو بالفاء ، فأما الجواب بالفعل فنحو قولك إن تأتني آتك ، وإن تضرب أضرب ونحو ذلك ، وأما الجواب بالفاء فقولك إن تأتني فأنا صاحبك ولا يكون الجواب في هذا الموضع بالواو ولا بثمّ ، ألا ترى أن الرجل يقول افعل كذا وكذا فتقول فاذن يكون كذا وكذا ، ويقول لم أغث أمس فتقول فقد أتاك الغوث اليوم ولو أدخلت الواو وثمّ في هذا الموضع تريد الجواب لم يجز ، وسألت الخليل عن قوله عزوجل (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) فقال هذا كلام معلّق بالكلام الأول كما كانت الفاء معلّقة بالكلام الأول ، وهذا هاهنا في موضع قنطوا كما كان الجواب بالفاء في موضع الفعل ، قال ونظير ذلك قوله تعالى (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) بمنزلة أم صمتّم ومما يجعلها بمنزلة الفاء أنها لا تجيء مبتدأة كما أنّ الفاء لا تجىء مبتدأة ، وزعم الخليل أنّ إدخال الفاء على إذا قبيح ، ولو كان إدخال الفاء على إذا حسنا لكان الكلام بغير الفاء قبيحا فهذا قد استغنى عن الفاء كما استغنت الفاء عن غيرها فصارت إذا هاهنا جوابا كما صارت الفاء جوابا وسألته عن قوله إن تأتني أنا كريم فقال لا يكون هذا ، الّا أن يضطرّ شاعر من قبل أنّ أنا كريم يكون كلاما مبتدءا والفاء وإذا لا يكونان الّا معلّقين بما قبلهما فكرهوا أن يكون هذا جوابا حيث لم يشبه الفاء ، وقد قاله الشاعر مضطرّا يشبّهه بما يتكلّم به من الفعل ، قال حسّان بن ثابت : [بسيط]
(١) من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
والشرّ بالشرّ عند الله سيّان |
وقال الأسدي : [طويل]
__________________
(٦٥٣) الشاهد في حذف الفاء من الجواب ضرورة والتقدير فالله يشكرها وزعم الأصمعي أن النحويين غيروه وأن الرواية* من يفعل الخير فالرحمن يشكره*