(١) عددت قشيرا اذ فخرت فلم أسأ |
|
بذاك ولم أزعمك عن ذاك معزلا |
وتقول أين ترى عبد الله قائما ، وهل ترى زيدا ذاهبا لان هل ، وأين كأنك لم تذكرهما لان ما بعدهما ابتداء فكأنك قلت أترى زيدا ذاهبا ، وأتظنّ عمرا منطلقا ، فان قلت أين ، وأنت تريد أن تجعلها بمنزلة فيها إذا استغنى بها الابتداء قلت أين ترى زيد وأين ترى زيدا ، واعلم ان قلت في كلام العرب انما وقعت على أن يحكى بها وانما يحكى بعد القول ما كان كلاما لا قولا نحو قلت زيد منطلق ألا ترى أنه يحسن أن تقول زيد منطلق ، فلما أوقعت قلت على ألّا يحكى بها إلا ما يحسن أن يكون كلاما وذلك قولك قال زيد عمرو خير الناس وتصديق ذلك قوله عزوجل (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ) ولو لا ذلك لقال أن الله ، وكذلك جميع ما تصرّف من فعله إلا تقول في الاستفهام شبهوها بتظنّ ولم يجعلوها كأظنّ ويظنّ في الاستفهام لانه لا يكاد يستفهم المخاطب عن ظن غيره ولا يستفهم هو الا عن ظنه فانما جعلت كتظن كما ان ما كليس في لغة أهل الحجاز ما دامت في معناها فاذا تغيرت عن ذلك أو قدم الخبر رجعت الى القياس وصارت اللغات فيها كلغة تميم ولم يجعل قلت كظننت لانها انما أصلها عندهم الحكاية فلم تدخل في باب ظننت بأكثر من هذا كما أن ما لم تقو قوة ليس ولم تقع في جميع مواضعها لأن أصلها عندهم أن يكون مبتدءا ما بعدها وسترى ان شاء الله ما يكون بمنزلة الحرف في شيء ثم لا يكون معه على أكثر أحواله وقد بين بعضه فيما مضى ، وذلك قولك متى تقول زيدا منطلقا وأتقول عمرا ذاهبا وأكلّ يوم تقول عمرا منطلقا لا يفصل بها كما لم يفصل بها في أكلّ يوم زيدا تضربه فان قلت أأنت تقول زيد منطلق رفعت لانه فصل بينه وبين حرف الاستفهام كما
__________________
(٩٩) الشاهد في نصب الضمير في قوله لم أزعمك لتقدم الزعم عليه ، ونصب معزل على المفعول الثاني والتقدير ولم أزعمك ذا معزل عن ذلك ويجوز أن يكون نصبه على الظرف الواقع موقع المفعول الثاني لانك تقول أنت معزلا عن ذاك تريد في معزل منه وبمعزل كما تقول أنت مني مرءا او مسمعا تريد بمرآى ومسمعى* وصف أن رجلا من قشير وهي قبيلة من بني عامر فاخره بكثرة سادات قشير وعددهم فدكر النابغة وهو من بني جعدة وجعدة أخت قشير من بني عامر أن قومه أكثر منهم وأعز فلم يسؤه ما عدده القشيري من قومه ولم يخله بمعزل عن ذلك فيفجؤه من فخره بهم وتعديده لهم ما يسوءه.