بعضهم ترتبها ، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
كما أنه لا يحسن إهمال ذلك رأسا ، لعدم خلوه عن الفائدة.
فلنقتصر على بيان ما يتضح لنا فعلا بعد النظر في كلماتهم ، مع التوكل على الله سبحانه وطلب العون والتسديد منه.
فنقول : الظاهر أن جملة من الحروف لم توضع للحكاية عن معان متقررة في عالم الخارج أو الاعتبار أو الانتزاع ، ليقع الكلام في أن معانيها كلية أو جزئية ، بل هي موضوعة لإيجاد معانيها في عالم الكلام والتلفظ ، فمعانيها ـ كما قيل ـ إيجادية ، لا إخطارية ذات وجود ذهني مطابق لوجودها الحقيقي في عالمه.
كما هو الحال في مثل أدوات التمني والترجي والنداء والاستفهام والطلب والنهي ونحوها ، فكما يكون لهذه الامور واقع نفسي في الجملة ، يكون لها وجود كلامي بأدواتها المعهودة.
وليس الواقع النفسي محكيا بهذه الأدوات على أن يكون هو المدلول المطابقي لها ، بل هو داع لإيجاد مضامينها في عالم اللفظ والكلام ، كما قد يكون داعيا لوجودها بالإشارة ، فكما يشير الإنسان بيده مستفهما بداعي حث المخاطب على الإعلام والإفهام يتكلم بأدوات الاستفهام بالداعي المذكور.
ولذا لا يكون الإتيان بها من دون تحقق ما يناسبها في النفس كذبا وإن قصد إظهاره بها ، بل لا يكون حينئذ إلا إيهاما وتغريرا.
كما لا يكون الإتيان بها بداع آخر بقرينة مجازا ، لعدم انسلاخها عما سيقت له بحسب وضعها ، وهو الوجود الكلامي للمعاني المذكورة ، كما في الاستفهام بداعي الإنكار ، والنداء بداعي التواجد.