نعم ، لو ثبت بقاء معروفيتها بين أهل تلك الأديان حتى خالطهم العرب وألفوها بسببهم وعبروا عنها بالألفاظ المذكورة اتجه ذلك ، إلا أنه لا طريق للجزم به وإن قرّبه في الفصول.
مع أن الاختلاف بين ما هو المشروع في الإسلام وما هو المشروع عندهم مستلزم لأخذ الخصوصيات المميزة جزءاً من المسمى في عرف المسلمين لأنه مورد حاجتهم ، بحيث يتبادر إليها من الكلام المبتني على عرفهم.
وليس هو كالاختلاف بيننا وبين العامة راجعا إلى التخطئة في المصداق ، بل هو يبتني على اختلاف التشريع من دون تخطئة فيه.
ولا ينافي هذا كون الألفاظ بحسب أصل اللغة موضوعة للقدر الجامع بين الوظيفتين ، وهو الوظيفة المشروعة. فلاحظ.
وكيف كان فثبوت كون الألفاظ المذكورة موضوعة للمعاني المعهودة لغة لا يمنع من البناء على الحقيقة الشرعية فيها ، لما سبق عند الكلام في الثمرة من أن محل الكلام هو اختصاص المعاني الشرعية بألفاظها المعهودة في عرف الشارع بنحو تكون هي المتبادرة منها ، لهجر المعنى الآخر الموضوع له بحسب أصل اللغة وبمقتضى اشتقاق الكلمة في عرفه ، لعدم تعلق غرضه به ، لا مجرد وضعها لها شرعا ولو بنحو الاشتراك ، كما هو الحال في الوضع اللغوي بناء على القول المذكور ، إذ لا إشكال في عدم اختصاصه بالمعاني الشرعية.
فالكلام في الحقيقة الشرعية إنما هو في اختصاص الألفاظ المذكورة بالمعاني الشرعية في عرف الشارع ، إما بعد اختصاصها بالمعاني الاخرى ، أو بعد اشتراكها بين المعنيين لغة.