إلا الرسول المستقل بالشرع ، إذ لو كان تابعا لرسول آخر كان مأموما لذلك الرسول.
الثاني : أن اللفظ يدل على أنه إمام في كل شيء ، ولا يكون كذلك إلا النبي.
الثالث : أن إمامة النبوة أعلى مراتب الإمامة ، فيجب الحمل عليها ، لذكرها في مقام الامتنان ، فلا بد أن تكون تلك النعمة من أعظم النعم ، ليحسن نسبة الامتنان. قال بعد ذلك : (فوجب حمل هذه الإمامة على النبوة).
والكل كما ترى! لاندفاع الأول بأن غير النبي من الأئمة إمام لجميع الناس اللذين في عصره ، وذلك هو المنساق من عموم الآية ، ولذا لا يقدح في إمامة النبي المستقل بالشريعة عدم إمامته لمن سبق عصره أو تأخر عن شريعته ، فلا يقدح في إمامة الإمام عدم إمامته لنبي شريعته غير الموجود حين إمامته ، بل هو كسائر من سبق عصرها من الناس.
نعم ، لو تضمنت الآية أن الإمام لا يكون مأموما ولو لغير أهل عصره اتجه قصورها عن الإمام التابع لنبي شريعته. لكن الآية لم تتضمن ذلك ، بل تضمنت أنه إمام لجميع الناس ، كما هو ظاهر الجمع المحلى باللام.
وأما الثاني فهو يبتني على مبانيهم من اختصاص الإمامة بعد النبي (صلّى الله عليه وآله) بنظم أمر الدنيا ، ولا يجري على مبانينا معشر الإمامية من عمومها لشئون الدين والدنيا تبعا لعموم الحاجة فيهما.
كما أن الثالث موهون بأن كون النبوة أعلى المراتب لا يقتضي إرادتها ، لعدم اختصاص الامتنان بالمراتب العالية من النعم ، فإن كل نعمة مورد للامتنان.