بقي في المقام أمران :
أحدهما : أن ظاهر الآية الشريفة كون الإمامة مجعولة منه تعالى للشخص ابتداء ، لعلمه بأهليته لها ، كما هو مذهب الإمامية أعز الله دعوتهم ، لا إمضاء لبيعة الناس بها ، كما هو مذهب العامة ، لعدم صحة النسبة له تعالى في الإمضائيات ، كما سبق عند الكلام في المعاملات من مبحث الصحيح والأعم. ولما هو المعلوم من عدم توقف إمامة ابراهيم (عليه السلام) على البيعة.
وهو المناسب لرفعة مقام الإمامة وجلالتها وأهمية الآثار المترتبة عليها.
ودعوى : أن ثبوت ذلك منه تعالى لا ينافي إمضاءه سبحانه لبيعة الناس بالإمامة.
مدفوعة : باحتياج الامضاء للدليل. ولا سيما مع ظهور الآية في أن جعل الإمامة لإبراهيم (عليه السلام) بعد ابتلائه له بالكلمات وإتمامه لهن ، حيث يظهر منه تبعيتها لأهلية الإمام التي تظهر باختباره وامتحانه تعالى له.
وعليه يلزم تنزيل ما ورد في أحكام الإمامة ـ كالنبوي المشهور بين الفريقين : (من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية) (١) ـ على ما تضمنته الآية الشريفة.
ثانيهما : ذكر الرازي في تفسيره أن المراد بالامامة في الآية الشريفة النبوة لا الخلافة لوجوه :
الأول : ظهورها في كون الإمام إماما لجميع الناس ، وذلك لا يكون
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٧٧.