ثانيهما : استعمالها في كثير من الآيات والروايات ولسان أهل العرف في مقام بيان الإلزام من دون حاجة إلى ضم القرينة بالوجدان.
ومنه يظهر أنه لا مجال لدعوى : أن الاستعمال أعم من الحقيقة. إذ هي إنما تتجه مع احتمال القرينة لا مع القطع بعدمها كما لا مجال لمعارضة ذلك باستعمالها في الندب ، بعد عدم الاشكال ظاهرا في بناء العرف والمتشرعة على احتياجه للقرينة.
نعم ، إنما ينهض هذان الوجهان بإثبات الوضع لخصوص ما يناسب الطلب الإلزامي لو لم يكن الطلب الإلزامي مقتضى الأصل في مفاد الصيغة أو القرينة العامة التي يلزم الحمل عليها مع عدم المخرج عنها حتى لو كانت موضوعة لما يناسب مطلق الطلب ، حيث ينحصر منشؤهما حينئذ بالوضع ، فيستدل بهما عليه.
أما إذا احتمل ذلك أو ثبت فلا ينهض هذان الوجهان بإثبات الوضع ، لإمكان استنادهما للأصل أو القرينة المذكورين ، بأن لا يكون فهم الإلزام من إطلاق الصيغة من باب تبادر معنى اللفظ الموضوع له منه ، ولا الاكتفاء في بيانه بها لأدائها له بمقتضى وضعها له ، بل هما مسببان عما ينضم إليها من الأصل أو القرينة المذكورين ، مع وضعها لما يناسب مطلق الطلب ، كما جرى عليه غير واحد من محققي المتأخرين.
ويناسبه أن إرادة الطلب غير الإلزامي من الصيغة وإن احتاجت للقرينة إلا أنها لا تبتني ارتكازا على العناية والخروج بها عن معناها ، بل هي لا تدل بمقتضى المرتكزات الاستعمالية إلا على محض البعث القابل للأمرين.
وقد يناسبه ما هو ديدنهم فيما لو خوطب بجملة امور قام الدليل على