وأما ما ذكره بعض مشايخنا من رجوع ذلك في الحقيقة إلى التخيير بين المتباينين ، لأن الأقل حينئذ مقيد بعدم كونه في ضمن الأكثر ، فيباين الأكثر.
ففيه : أن دخوله في التخيير بين المتباينين لا ينافي امتناعه للوجه المذكور واحتياج إمكانه لدفعه بما تقدم ، والمراد بالتخيير بين الأقل والأكثر ذلك ، بل لا يكون إلّا كذلك ، وإلّا فلو اخذ الأقل لا بشرط ، بحيث يترتب الغرض عليه وحده سواء كانت الزيادة معه أم لم تكن ، لم يكن من التخيير بين الأقل والأكثر ، بل بين المطلق والمقيد الذي لا إشكال في امتناعه ، لتحقق المطلق في ضمن الواجد للقيد ، فمع وفائه بالغرض بنفسه يكون دخل القيد فيه خلفا.
وبعبارة اخرى : المراد من الأقل والأكثر ما ينتزع من الأجزاء الخارجية في مقابل المتباينين بالإضافة إليها كالعتق والصدقة ، لا ما ينتزع من الجزء التحليلي ، وهو التقييد. فما ذكره أشبه بالإشكال اللفظي.
وإن كان يحسن ملاحظة كلامه ، حيث قد يظهر منه منع ما ذكرناه من التخيير بالنحو السابق واختصاص الممكن بمثل التخيير بين القصر والإتمام الذي لا يمكن فيه إلحاق الزيادة بعد الفراغ من الأقل ، فينهض ما سبق منا بدفعه. فتأمل جيدا.
ثم إن التخيير المذكور لما كان على خلاف المتعارف ولم تأنس به أذهان العرف كان الحمل عليه محتاجا إلى عناية وكان الأظهر عرفا حمل دليل التخيير بين الأقل والأكثر على أفضلية الزيادة ، سواء كانت من سنخ الأقل كالصوم يوما أو يومين ، أم من غير سنخه كالصلاة مع التعقيب أو بدونه ، فضلا عمّا إذا لم يكن الدليل بلسان التخيير ، بل كان الأمر بكل منهما بلسان ظاهر في التعيين ، حيث لا يجمع بينهما بالحمل على التخيير ، بل على