وبالجملة : لا ريب بعد الرجوع للمرتكزات العقلائية والنظر في الواجبات الكفائية العرفية في ابتناء الوجوب الكفائي على وحدة الغرض من فعل الكل المستلزم للاكتفاء بفعل أحدهم في مقابل العدم المحض ، لا في مقابل عدم فعله بنفسه.
كما يشكل هذا الوجه وما قبله : بأن الواجب الكفائي قد يتعذر قيام شخص واحد به دائما أو في بعض الحالات ، كالجهاد بالمقدار الذي يدفع به الخطر عن المسلمين ، والحج بالمقدار الذي تتعطل بدونه المشاعر ، فيمتنع رجوع التكليف به إلى تكاليف متعددة بعدد أفراد المكلفين ، سواء كانت مباينة للتكليف العيني سنخا ـ كما هو مقتضى الوجه الأول ـ أم من أفراده مع كونها مشروطة بعدم امتثال الآخرين ـ كما هو مقتضى الوجه الثاني ـ بل لا بد من كونه بنحو خاص صالح لتكليف كل فرد بالقيام به استقلالا أو مع غيره حسب اختلاف الأفراد والأحوال.
الثالث : ما ذكره بعض الأعاظم (قدس سره) من أن الوجوب الكفائي لما كان ناشئا عن غرض واحد تعين كونه وجوبا واحدا متعلقا بصرف وجود المكلف ، نظير تعلقه بصرف وجود المكلف به ، فبامتثال أحدهم يتحقق الفعل من صرف الوجود فيسقط الغرض ولا يبقى مجال لامتثال الباقين ، كما أنهم بامتثالهم جميعا يثابون جميعا ، لانطباق صرف الوجود عليهم بأجمعهم.
وفيه : أنه لا يتعقل تكليف صرف الوجود ، بل هو غير قابل للخطاب والتكليف ، لأن التكليف من الإضافات الخارجية التي لا تتعلق إلّا بالمكلّف الخارجي المعين ، كما لا تصدر إلّا من المكلف الخارجي المعين ، وإنما أمكن تعلقه بالمكلف به على إطلاقه بنحو يكتفي في امتثاله بصرف الوجود لأنه