يجب إعلام الجاهل بتشريع التكليف به ، كما يجب الأمر بالمعروف ، وقد لا يتم موضوع كل منهما ، كما قد لا ينفعان في ترتب امتثال الغير لتكليفه ، ولا يجب غير ذلك من وجوه السعي في امتثاله ، كإعلامه بتحقق موضوع التكليف ، وإقناعه بوجه آخر لا يقتضيه الأمر بالمعروف ، وتهيئة مقدمات الامتثال له.
كما لا يجب السعي لتحقيق مسقط التكليف عند تعذر امتثاله ، مثلا : لو تعذر على أحد الزوجين القيام بحقوق الآخر في ظرف مطالبته لم يجب عليه السعي للطلاق لتسقط الحقوق المذكورة عنه ، ولو وجب على زيد مشايعة صديقة إذا سافر لم يجب عليه عند تعذر مشايعته له إقناعه بالعدول عن السفر ، وهكذا.
مع أنه لا إشكال ظاهرا في أن تعذر امتثال الواجب الكفائي على بعض أفراد المكلفين لا يسقطه عنه رأسا ، بل يجب عليه السعي لقيام غيره من المكلفين به بأي وجه أمكن ، إلّا بدليل مخرج عن ذلك.
وهذا كاشف عن عدم تمامية شيء من الوجوه المتقدمة في توجيهه ، وأنه مجعول بنحو خاص يقتضي وجوب السعي بالوجه المذكور وإن لم تقتضه الوجوه المذكورة.
فلعل الأولى أن يقال : إن التكليف الكفائي عبارة عن تكليف كل فرد بالماهية لا بنحو يقتضي تكليفه بفرد منها مباين لما كلف به غيره ـ كما في التكليف العيني ـ بل بنحو يقتضي مطلق وجودها في مقابل عدمها المحض ، لوفاء ذلك بالغرض الداعي للتكليف ، كما سبق توضيحه عند الكلام في الوجه الثاني.