فلا يبعد البناء على عدم منجزية العلم الإجمالي بأحد التكليفين إلّا للأثر المشترك بينهما المتيقن في مقام العمل ، وهو لزوم محض الموافقة ، دون ما يمتاز به التكليف التعبدي من لزوم التقرب به ، فهو نظير ما لو علم إجمالا بوجوب شيء أو استحبابه ، حيث لا ينهض العلم المذكور لتنجيز خصوصية الوجوب وما به امتيازه من لزوم الموافقة ، بل تختص منجزيته بالأثر المشترك بينهما ، وهو حسن الموافقة.
وأما لو كان الفرق بينهما في الغرض الداعي للتكليف ـ كما جرى عليه المحقق الخراساني (قدس سره) وسبقه إليه شيخنا الأعظم (قدس سره) على اضطراب في كلامه أشرنا إليه عند الكلام في ظاهر الأمر بناء على عدم الرجوع للإطلاق ـ فقد ذكروا أنه لا مجال للرجوع للبراءة والبناء عملا على التوصلية ، حتى لو قيل بالبراءة في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين.
وما يظهر منهم في وجه الفرق بينهما : أن الشك هناك في تحديد المكلف به ، فقد يتجه دعوى الرجوع في عدم التكليف بالزائد للبراءة ، لعدم المنجز له ، فيكون العقاب عليه بلا بيان ، وللأدلة الشرعية المتضمنة عدم المؤاخذة على ما لا يعلم ، ويقتصر على الأقل لتنجزه بالعلم بالتكليف به على كل حال.
أما هنا فحيث فرض عدم الشك في مقدار الواجب ، لعدم دخل القصد القربي فيه مطلقا وإن كان تعبديا ، فلا موضوع معه للبراءة من التكليف بالزائدة لا العقلية ، ولا الشرعية ، لاختصاصهما بالشك في التكليف.
بل حيث كان الشك في المقام في سقوط التكليف المعلوم بدون القصد المذكور ، لاحتمال اعتباره في مقام الامتثال تبعا لدخله في الغرض لزم