ذلك ، لبداهة اشتراك جميع القضايا فيه ـ كما ذكره ـ ولوضوح أن ارتفاع الحكم لارتفاع موضوعه أو قيده لا ينافي ثبوت حكم آخر مثله لموضوع آخر أو في حال آخر ، فلا يكون هو المعيار في المفهوم ، بل المعيار فيه أن يستفاد من القضية انحصار سنخ الحكم بالموضوع أو القيد المذكور فيها ، بحيث لا يثبت إلّا معها ، كما أشرنا إليه في ذيل الكلام في الوجه السابق ، وهو مرادهم بالانحصار الذي يقع الكلام فيه في بعض القضايا ، ومنها الشرطية.
وثانيا : أن مجرد اشتمال القضية الشرطية على خصوصية زائدة على ربط الحكم بموضوعه لا يكفي في ظهورها في إنشاء السنخ الذي جعله معيارا في الدلالة على المفهوم ، كما لا يكفي في ظهورها في انحصار السنخ بالخصوصية المذكورة ، الذي عرفت أنه المعيار في الدلالة عليه ، وإلا لاطرد ذلك في سائر القيود الزائدة على الموضوع من ظرف أو حال أو غيرهما ، بل لجرى في الشرطية المسوقة لتحقيق الموضوع ، بل لا بد فيه من جهة اخرى تستلزم الانحصار ، ولو لم يكن انحصار العلية ، ولذا اهتم أهل الفن بتحقيق ذلك ، والكلام فيه إثباتا ونفيا.
هذه عمدة الوجوه المذكورة في كلماتهم لإثبات ظهور الجملة الشرطية في الانحصار بضميمة الإطلاق من دون أن تكون موضوعة لذلك ، بل مع عدم وضعها عند بعضهم حتى لإفادة العلية.
وحيث ظهر وهنها فلعل الأولى ما يظهر من شيخنا الأعظم (قدس سره) وسبقه إليه جماعة كثيرة من القدماء والمتأخرين من ظهورها بنفسها في الانحصار ، بمعنى لزوم الشرط للجزاء ، بحيث ينتفي الجزاء بانتفائه الذي سبق أنه المعيار في المفهوم.