لو خفي الأذان والجدران معا في المثال المتقدم ـ لأنه من صور ارتفاع الشرط المقيد لكل من الشرطيتين ، وهو خلاف المقطوع به.
مع أنه مستلزم ـ أيضا ـ لرفع اليد عن ظهور الشرطية في استقلال شرطها في التأثير في الجزاء وموضوعيته له ، وقد سبق أنه أقوى من ظهورها في الإناطة والمفهوم.
وإن اريد به رفع اليد عن ظهور الشرطية في الإناطة كفى ذلك في رفع التنافي بلا حاجة إلى تقييد الشرط ورجع إلى الوجه الثالث الذي ذكرناه.
كما أن التقييد المذكور لا ينفع حينئذ في إثبات المفهوم المدعى على تقدير ارتفاع لكلا الشرطين ، وإنما يستلزم إخراج صورة تحقق كلا الشرطين ـ كما لو خفي الأذان والجدران معا ـ عن مفاد الشرطيتين ، وتكون مسكوتا عنها ، وهو خلاف المقطوع به أيضا.
الثالث : تقييد كل من الشرطيتين بعدم تحقق شرط الاخرى. فإن الشرطية كسائر القضايا قابلة للتقييد بالشرط وغيره ، كما في قولنا : إن سألك زيد فإن كان فقيرا فأعطه ، ولازم ذلك قصور مفهومها عن صورة فقد القيد ، فلو وجب إعطاء زيد مع عدم سؤاله وإن كان غنيا لم يكن منافيا لمفهوم الشرطية المذكورة.
فإذا قيدت كل من الشرطيتين في المقام بعدم تحقق شرط الاخرى قصر مفهومها عن صورة تحققه ، فلا يصلح لمعارضة منطوق الاخرى ، وإنما يكون مفهومهما مختصا بصورة فقد الشرطين ، كما هو مبنى الوجه الثاني.
وفيه : أن ذلك إنما يتجه لو كان القيد قيدا للشرطية بتمامها ، كالمثال المتقدم ، دون ما إذا كان شرطا لخصوص جزائها ، كما هو المفروض في المقام ،