وأما الثاني : ـ وهو عدم المفهوم فيما إذا رجعت الغاية للموضوع ـ فقد وجه في كلماتهم بأن ثبوت الحكم للموضوع المقيد لا ينافي ثبوت مثله لفاقد القيد ، نظير ما تقدم في مفهوم الوصف.
هذا ، وحيث سبق عدم ظهور الأداتين في الغاية والنهاية فلا إشكال في عدم دلالة التقييد بهما على كون متعلق الحكم هو الفعل المنتهى بمدخولهما ، بحيث لا ينطبق على ما يزيد على ذلك ، وتكون الزيادة عليه مانعة من الامتثال به.
وإنما الكلام في أن التقييد بهما هل يدل على انتهاء متعلق الحكم بحصول مدخولهما ، بحيث لا يكون ما بعده موردا للحكم ، أو لا بل يكون مسكوتا عنه محتملا لذلك؟ فإذا قيل : اجلس إلى الظهر هل يكون ظاهر الكلام خروج الجلوس بعد الظهر عن الواجب ، أو لا بل يكون مسكوتا عنه ، بحيث لو دل دليل آخر على دخوله في الواجب لم يكن منافيا له؟
وحينئذ نقول : لا ينبغي التأمل في الظهور في المفهوم مع وحدة الحكم ، بأن كان بالإضافة لأجزاء الزمان بدليا ، كما لو قيل : يجب أن تجلس في المسجد ساعة من طلوع الشمس إلى الظهر ، أو مجموعيا ارتباطيا ، كما في قوله تعالى : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(١) ، لأن مقتضى إطلاق متعلق الحكم تحديده سعة وضيقا على طبق القيود المأخوذة في الخطاب من دون خصوصية لأدوات الغاية ، فلو كان بدليا كان مقتضاه تعين الامتثال بفرد من الماهية المقيدة التي اخذت موردا للتكليف والاجتزاء به ، وإن كان مجموعيا كان مقتضاه الاجتزاء بالماهية المذكورة ، وعدم لزوم ما زاد عليها المستلزم
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨٧.