لتوقف الاستثناء على شمول الحكم لتمام الأفراد أو الأحوال ، ولا يجري مع كونه بدليا أو واردا على المبهم الذي لا عموم فيه ، كما في الامثلة المذكورة ، ولا سيّما الأول حيث كان ما بعد (غير) فيه مباينا لما قبلها لا من أفراده ، فيراد بالوصف فيه بيان حال الموضوع ، لا تقييده مع شيوعه ، كما في الأخيرين.
ومن هنا يشكل البناء على الاستثناء في المورد الصالح له وللوصف ، كما في قولنا : أكرم العلماء غير العدول. إلّا أن يعين أحد الأمرين بكيفية الإعراب أو بقرينة خارجية.
وأما (إلّا) فقد ذكر النحويون أنها قد تكون وصفية مستشهدين بقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١) على كلام لا مجال للإطالة فيه ، كما ذكروا ورودها عاطفة وزائدة.
وكيف كان ، فلا ينبغي التأمل في أن المتبادر منها الاستثناء ولو بسبب شيوع استعمالها فيه ، فيتعين الحمل عليه في غير مورد امتناعه ، الذي لا مجال للكلام في ضبطه.
كما أن الظاهر عدم استعمال بقية الأدوات في التوصيف.
إذا عرفت هذا ، فلا إشكال في ظهور الاستثناء في ثبوت الحكم لما عدا المستثنى من أفراد المستثنى منه ، وهو المراد بالمنطوق في المقام.
وأما بالإضافة إلى المستثنى فقد وقع الكلام في ظهوره في ثبوت نقيض الحكم السابق له ، بحيث يدل على الحصر بالإضافة إليه ، ليكون له مفهوم كما
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢٢.