هذا وقد استدل على ما سبق عن أبي حنيفة من عدم ظهور الاستثناء في ثبوت نقيض الحكم السابق للمستثنى ليكون له مفهوم بمثل : لا صلاة إلّا بطهور.
بدعوى : أنه لو كان له مفهوم لدل على حصول الصلاة مع الطهارة ولو مع فقد بقية الأجزاء والشرائط ، ولا إشكال في عدم دلالته على ذلك.
وقد اجيب عن ذلك بوجوه ..
الأول : أن الاستعمال مع عدم إرادة المفهوم لا ينافي الوضع للمفهوم ، لأن الاستعمال مع القرينة المعينة للمراد أعم من الحقيقة.
وفيه : أنه لا مجال لاحتمال الاعتماد على القرينة في مثل هذا التركيب ، لشيوعه مع عدم ظهور العناية والقرينة المخرجة عن مقتضى الظهور الأولى فيه ، وليس هو كالاستعمالات الشخصية التي قد يستند فهم المراد منها إلى القرائن المكتنفة للكلام.
وبعبارة أخرى : الاستدلال ليس بعدم إرادة المفهوم من هذا التركيب ، كي يمكن استناد فهم ذلك للقرينة ، بل بعدم ظهوره بنفسه فيه مع قطع النظر عن القرينة.
الثاني : أن المفروض في موضوع الحصر في مثل هذا التركيب تمامية بقية الأجزاء والشرائط ، فعدم تحقق الصلاة مع الطهارة ـ مثلا ـ لفقد بعض الأجزاء أو الشرائط الأخر لا يكون منافيا للمفهوم ، بل خارجا عن موضوعه.
والظاهر رجوع ما في التقريرات والكفاية لهذا الوجه وما قبله.
ويندفع : بأنه بعيد عن المرتكز الاستعمالي لهذا التركيب ، لعدم الالتفات فيه للتقييد بتمامية الأجزاء والشرائط.