بل لا مجال للبناء عليه ، لأن لازم خروج فاقد بعض الأجزاء والشرائط الأخر موضوعا قصور المنطوق والمفهوم معا عنه ، فكما لا يقتضي المفهوم حصوله مع الطهارة لا يقتضي المنطوق عدم حصوله بدونها ، مع أنه لا ريب في عموم المنطوق له. فإذا قيل : لا صلاة إلّا بطهور ، و : لا صلاة إلّا بركوع ، كان مقتضاهما بطلان الصلاة الفاقدة للطهارة والركوع معا من جهتين ، لا أنهما ساكتان عنها لخروجها عن موضوع كل منهما.
الثالث : ما في هامش بعض نسخ الكفاية من أن المراد من مثله نفي الإمكان ، لا الوجود ، ولازمه في المثال إمكان الصلاة مع الطهارة ، لا ثبوتها فعلا ، لينافي ما سبق.
وفيه : أن التركيب بنفسه إنما يقتضي نفي الوجود دون الإمكان ، كما هو الحال في مثل : لا ياتي زيد إلّا أن يجيء عمرو ، و : لا اكل إلّا أن أغسل يدي ونحوهما ، وإنما استفيد عدم الإمكان في المقام بلحاظ كون القضية تشريعية مسوقة لبيان شرطية الطهارة للصلاة ، ويمتنع تحقق المشروط مع عدم شرطه ، ومن الظاهر أن ذلك يجري في جميع الأجزاء والشروط ، فكما لا تمكن الصلاة مع فقد الطهارة لا تمكن مع فقد بعض الأجزاء والشروط الأخر وإن كانت الطهارة موجودة ، فتنافي المفهوم ، فوجود الطهارة كما لا يستلزم وجود الطهارة مطلقا لا يستلزم إمكانها كذلك ، ولم ينفع ما ذكره في دفع الإشكال.
على أن الإشكال لا يختص بالمثال المتقدم ، بل يجري في نظائره من التراكيب مما هو ظاهر في نفي الوجود دون الإمكان ، كالمثالين المتقدمين ، كما هو ظاهر.