مصدر سمن يسمن فهو سمين ، فالاسم والمصدر ، جاءا على غير قياس ؛ إذ قياسهما «سمن» بفتح الميم ـ فهو سمن بكسرها ؛ نحو فرح فرحا فهو فرح.
قال الزمخشريّ (١) : «فإن قلت : هل من فرق بين إيقاع سمان صفة للتمييز : وهو بقرات دون المميّز : سبع ، وأنّ نقول : سبع بقرات سمانا؟ قلت : إذا أوقعتها صفة ل «بقرات» ، فقد قصدت إلى أن تميّز السبع بنوع من البقرات ، وهو السّمان منهن ، لا بجنسهنّ ، ولو وصفت السبع بها ، لقصدت إلى تمييز السبع بجنس البقرات لا بنوع منها ، ثم رجعت فوصفت المميّز بالجنس بالسمن.
فإن قلت : هلا قيل : «سبع عجاف» على الإضافة.
قلت : التمييز (٢) موضوع الجنس ، والعجاف وصف لا يقع البيان به وحده ، فإن قلت : فقد يقولون : ثلاثة فرسان ، وخمسة أصحاب ، لبيان ؛ قلت : الفارس ، والصاحب ، والرّاكب ، ونحوها صفات جرت مجرى الأسماء ؛ فأخذت حكمها ، وجاز فيها ما لم يجز في غيرها ، ألا تراك لا تقول : عندي ثلاثة ضخام ولا أربعة غلاظ. فإن قلت : ذلك مما يشكل ، وما نحن بسبيله لا إشكال فيه ، ألا ترى أنه لم يقل : وبقرات سبع عجاف ؛ لوقوع العلم بأن المراد البقرات (٣) قلت : ترك الأصل لا يجوز مع وقوع الاستغناء عما ليس بأصل ، وقد وقع الاستغناء عن قولك : سبع عجاف عمّا تقترحه من التمييز بالوصف» انتهى.
وهي أسئلة وأجوبة حسنة ، وتحقيق السؤال الأول وجوابه : أنه يلزم من وصف التّمييز بشيء وصف المميز به ، ولا يلزم من وصف المميز وصف التمييز (٤) بذلك الشيء ؛ بيانه : أنك إذا قلت : «عندي أربعة رجال حسان» بالجر ، كان معناه : أربعة من الرجال الحسان ؛ فيلزم حسن الأربعة ؛ لأنهم بعض الرجال الحسان ، وإذا قلت : عندي أربعة رجال حسان برفع حسان كان معناه : أربعة من الرجال حسان ، وليس فيه دلالة على وصف الرجال بالحسن.
وتحقيق الثاني وجوابه : أنّ أسماء العدد لا تضاف إلى الأوصاف إلا في ضرورة وإنما يجاء بها تابعة لأسماء [العدد](٥) ؛ فيقال : عندي ثلاثة قرشيّون ، ولا يقال ثلاثة قرشيّين بالإضافة إلا في شعر ، ثم اعترض بثلاثة فرسان ، وأجاب بجريان ذلك مجرى الأسماء.
وتحقيق الثالث : أنه إنّما امتنع «ثلاثة ضخام» ونحوه ؛ لأنه لا يعلم موصوفه ، بخلاف الآية الكريمة ، فإنّ الموصوف معلوم ، ولذلك لم يصرح به.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٧٣.
(٢) سقط من : ب.
(٣) سقط من : ب.
(٤) سقط من : ب.
(٥) في ب : الأعداد.