وبعت : فعت ، وفعت ، ووزن «عدة» «علة» ، وإن شئت أتيت بالأصل ؛ فعلى هذا لا خطأ في قوله : وزن «نكتل» : نفتل ؛ لأنه اعتبر اللفظ ، لا الأصل ، ورأيت في بعض الكتب أنّ وزنها : «نفعل» بالعين ، وهذا خطأ محض ، على أنّ الظاهر من أمر يعقوب أنه لم يتقن هذا ، ولو أتقنه لقال : وزنه على الأصل كذا ، وعلى اللفظ كذا ، ولذلك أنحى عليه المازنيّ ، فلم يرد عليه بشيء».
ثم قال سبحانه وتعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ضمنوا كونهم حافظين له ، فلما قالوا ذلك ، قال يعقوب ـ عليهالسلام ـ (هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ) ، والمعنى : أنكم ذكرتم مثل هذا الكلام في يوسف ، وضمنتم لي حفظه حيث قلتم : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) وهاهنا ذكرتم هذا اللفظ بعينه ، فهل يكون هاهنا إلا ما كان هناك ، فكما لا يحصل الأمان هناك لا يحصل هنا.
قوله : (إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ) منصوب على نعت مصدر محذوف ، أو على الحال منه أي : إلّا ائتمانا كائتمانه لكم على أخيه ، شبه ائتمانه لهم على هذا بائتمانه لهم على ذلك ، و «من قبل» متعلق ب «أمنتكم».
قال : (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) ، قرأ الأخوان (١) ، وحفص «حافظا» وفيه وجهان :
أظهرهما : أنه تمييز ؛ كقوله : هو خيرهم رجلا ، ولله درّه فارسا.
قال أبو البقاء (٢) : «ومثل هذا يجوز إضافته» وقد قرأ بذلك الأعمش (٣) : فالله خير حافظ» والله ـ تعالى ـ متّصف بأن حفظه يزيد على حفظ غيره ؛ كقولك : هو أفضل عالم.
والثاني : أنه حال ذكر ذلك الزمخشريّ وأبو البقاء ، وغيرهما.
قال أبو حيّان (٤) : وقد نقله عن الزمخشري وحده : «وليس بجيّد ؛ لأنّ فيه تقييد خير بهذه الحال».
قال شهاب الدّين (٥) : «ولا محذور ، فإنّ هذه الحال لازمة ؛ لأنّها مؤكدة لا مبنية وليس هذا بأول حال وردت لازمة».
وقرأ الباقون «حفظا» ولم يجيزوا فيها غير التّمييز ؛ لأنّهم لو جعلوها حالا ، لكانت من صفة ما يصدق عليه «خير» ولا يصدق ذلك على ما يصدق عليه «خير» ؛ لأن الحفظ معنى من المعاني.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٣٥٠ والحجة ٤٣٨ ، ٤٣٩ وإعراب القراءات السبع ١ / ٣١٤ وحجة القراءات ٣٦٢ والإتحاف ٢ / ١٥٠ والمحرر الوجيز ٣ / ٢٦٠ والبحر المحيط ٥ / ٣٢٠ والدر المصون ٤ / ١٩٤ ، ١٩٥.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ٥٥.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٨٦ والبحر المحيط ٥ / ٣٢٠ والدر المصون ٤ / ١٩٤.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٢٠.
(٥) ينظر : الدر المصون ٤ / ١٩٥.