قال الزمخشري (١) : «كأنه قيل : ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقا ، وتفريطكم من قبل في يوسف» وإلى هذا ذهب ابن عطية أيضا.
قال أبو حيّان (٢) : «وهذا الذي ذهبا إليه ليس بجيّد ؛ لأنّ فيه الفصل بالجار والمجرور بين حرف العطف الذي هو على حرف واحد ، وبين المعطوف ؛ فصار نظير : ضربت زيدا ، وبسيف عمرا ، وقد زعم الفارسيّ أنه لا يجوز ذلك إلّا في ضرورة الشّعر».
قال شهاب الدّين (٣) : هذا الرّدّ سبقه إليه أبو البقاء ، ولم يرتضه وقال : «وقيل : هو ضعيف ؛ لأنّ فيه الفصل بين حرف العطف ، والمعطوف ، وقد بينا في سورة النّساء أن هذا ليس بشيء».
قال شهاب الدين (٤) : «يعني أنّ منع الفصل بين حرف العطف ، والمعطوف ليس بشيء ، وقد تقدّم إيضاح هذا ، وتقريره في سورة النساء ، كما أشار إليه أبو البقاء».
ثمّ قال أبو حيّان (٥) : «وأمّا تقدير الزمخشري : وتفريطكم من قبل في يوسف ؛ فلا يجوز ؛ لأن فيه تقديم معمول المصدر المنحل لحرف مصدري ، والفعل عليه ، وهو لا يجوز».
وقال شهاب الدّين : «ليس في تقدير الزمخشريّ شيء من ذلك ؛ لأنّه لمّا صرح بالمقدر أخّر الجارين ، والمجرورين عن لفظ المصدر المقدّر كما ترى ، وكذا هو في سائر النسخ ، وكذا ما نقله عنه الشيخ بخطه ، فأين تقديم المعمول على المصدر ولو رد عليه ، وعلى ابن عطيّة بأنه يلزم من ذلك تقديم معمول الصّلة على الموصول لكان ردّا واضحا ، فإنّ : «من قبل» متعلق ب «فرّطتم» ، وقد تقدّم الكلام على ما المصدرية ، وفيه خلاف مشهور».
الخامس : أن تكون مصدرية أيضا ، ومحلها النصب عطفا على اسم : «أنّ» أي : ألم تعلموا أنّ أباكم ، وأن تفريطكم من قبل في يوسف ، وحينئذ يكون في خبر «أنّ» هذه المقدرة وجهان :
أحدهما : هو : «من قبل».
والثاني : هو «في يوسف» واختاره أبو البقاء (٦) ، وقد تقدّم ما في كلّ منهما ، ويردّ على هذا الوجه الخامس ما ردّ به على ما قبله من الفصل بين حرف العطف ، والمعطوف ، وقد عرف ما فيه.
السادس : أن تكون موصولة اسمية ، ومحلّها الرفع ، والنّصب على ما تقدّم في المصدريّة.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٩٥.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٣١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٠٦.
(٤) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٠٦.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٣١.
(٦) ينظر : الإملاء ٢ / ٥٧.