و «أحبّ» : خبر المبتدأ ، وإنّما لم يطابق ؛ لما عرفت من حكم أفعل التّفضيل.
وقيل : اللّام في : «ليوسف» : جواب القسم ، تقديره : والله ليوسف وأخوه ، والواو في: (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) : للحال ، فالجملة بعدها في محلّ نصب على الحال ، والعامة على رفع «عصبة» خبرا ل «نحن».
وقرأ أمير المؤمنين (١) ـ رضي الله عنه ـ بنصبها على أنّ الخبر محذوف ، والتقدير : ونحن نرى أو نجتمع ، فتكون «عصبة» حالا ، إلا أنّه قليل جدّا ؛ وذلك لأنّ الحال لا يسدّ مسدّ الخبر إلا بشروط ذكرها النّحاة ، نحو : ضربي زيدا قائما ، وأكثر شربي السّويق ملتوتا.
قال ابن الأنباري : «هذا كما تقول العرب : إنّما العامريّ عمّته ، أي : يتعمم عمّته».
قال أبو حيّان (٢) : «وليس مثله ؛ لأن «عصبة» ليس بمصدر ولا هيئة ، فالأجود أن يكون من باب (٣) : حكمك مسمّطا».
قال شهاب الدّين : «ليس مراد ابن الأنباري إلّا التشبيه ؛ من حيث إنه حذف الخبر ، وسدّ شيء آخر مسدّه في غير المواضع المنقاس فيها ذلك ، ولا نظر لكون المنصوب مصدرا أو غيره».
وقال المبرد : هو من باب : «حكمك مسمّطا» أي : لك حكمك مسمّطا ، قال الفرزدق :
٣٠٥١ ـ يا لهذم حكمك مسمّطا (٤)
أراد لك حكمك مسمّطا.
قال : واستعمل هذا فكثر حتى حذف استخفافا ؛ لعلم ما يريد القائل ؛ كقولك : الهلال والله ، أي : هذا الهلال ، والمسمّط : المرسل غير المردود وقدره غير المبرّد : حكمك ثبت مسمّطا ، وفي هذا المثال نظر ؛ لأن النّحويّين يجعلون من شرط سدّ الحال مسدّ الخبر : أن لا يصلح جعل الحال خبرا لذلك المبتدأ ، نحو : ضربي زيدا قائما ، بخلاف : «ضربي زيدا شديد» فإنّها ترفع على الخبريّة ، وتخرج المسألة من ذلك ، وهذه الحال ، أعني : «مسمّطا» يصلح جعلها خبرا للمبتدأ ، إذ التقدير : حكم مرسل لا مردود ، فيكون هذا المثل على ما تقرّر من كلامهم شاذّا.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٤٦ والدر المصون ٤ / ١٥٦.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٢٨٣.
(٣) مجمع الأمثال ١ / ٣٧٦ ، أي : مرسل مردود لا يعقب ، ويروى : خذ حكمك مسمطا ، أي مجوزا نافذا ، والمسمط : الذي لا يرد.
(٤) ينظر : البحر ٥ / ٢٨٣ ، روح المعاني ١٢ / ٢٩٠ ، الدر المصون ٤ / ١٥٦.