(يَمُرُّونَ عَلَيْها) كقولك : زيدا مررت به ، وقرأ عكرمة (١) ، وعمرو بن فايد : «والأرض» على الابتداء ، وخبره الجملة بعده ، والضمير في هاتين القراءتين يعود على الأرض فقط.
قوله (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) والمعنى : أنّهم كانوا مقرّين بوجود الإله ، قال ـ تعالى ـ : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزمر : ٧٨] إلا أنّهم كانوا [يثبتون](٢) له شريكا في العبودية.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : نزلت في تلبية المشركين من العرب ، كانوا يقولون : «لبّيك اللهمّ لبّيك ، لبّيك لا شريك لك إلّا شريكا هو لك تملكه وما ملك».
وعن عطاء ـ رضي الله عنه ـ هذا في الدعاء ، وذلك أن الكفار نسوا ربّهم في الرخاء ؛ فإذا أصابهم البلاء ، أخلصوا في الدعاء ، قال تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [يونس : ٢٢] (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت : ٦٥].
وعن ابن عبّاس : إن أهل مكة قالوا : الله ربّنا لا شريك له ، والملائكة بناته ، فلم يوحّدوا بل أشركوا ، وقالت اليهود : ربّنا الله وحده ، وعزير ابن الله ، وقالت النصارى : الله وحده ، والمسيح ابن الله.
واحتجت الكرامية بهذه الآية على أن الإيمان : عبارة عن الإقرار باللسان فقط ؛ لأنه ـ تعالى ـ حكم بكونهم مؤمنين مع أنّهم مشركون ، وذلك يدلّ على أن الإيمان عبارة عن مجرّد الإقرار ، وجوابه معلوم.
قوله تعالى : (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) : عقوبة تغشاهم ، وتنبسط عليهم ، وتغمرهم.
(أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً).
قرأ أبو حفص ، ومبشر بن (٣) عبد الله : أو يأتيهم الساعة بغتة بالياء من تحت ؛ لأنه مؤنّث مجازي ؛ وللفصل أيضا ، و «بغتة» : نصب على الحال ، يقال : بغتهم الأمر بغتا وبغتة ، إذا فاجأهم من حيث لم يتوقّعوا.
وقوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) الناصب لقوله : «بغتة».
قوله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(١٠٨)
قوله : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) الآية.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٨٥ والبحر المحيط ٥ / ٣٤٤ والدر المصون ٤ / ٢١٧.
(٢) في أ : ينسبون.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٨٥ والبحر المحيط ٥ / ٣٤٥ والدر المصون ٤ / ٢١٧.