وقال ابن عطية (١) في «عمد» اسم جمع عمود ، والباب في جمعه «عمد» بضم الحروف الثلاثة ، كرسول ورسل.
قال أبو حيان (٢) : «وهذا وهم ، وصوابه : بضمّ الحرفين ؛ لأنّ الثالث هو حرف الإعراب ، فلا يعتبر ضمه في كيفية الجمع».
والعماد والعمود : ما يعمد به ، أي : يسند ، ويقال : عمدت الحائط أعمده عمدا ، أي: أدعمته ، فاعتمد الحائط على العماد ، والعمد : الأساطين قال النابغة : [البسيط]
٣١٦٣ ـ وخيّس الجنّ إنّي قد أذنت لهم |
|
يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد (٣) |
والعمد : قصد الشيء ، والاستناد إليه ، فهو ضدّ السّهو ، وعمود الصّبح : ابتداء ضوئه تشبيها بعمود الحديد في الهيئة ، والعمدة : ما يعتمد عليه من مال وغيره والعميد : السّيّد الذي يعمده النّاس ، أي : يقصدونه.
قوله «ترونها» في الضّمير المنصوب وجهان :
أحدهما : أنّه عائد على : «عمد» ، وهو أقرب مذكور ، وحينئذ تكون الجملة في محل جر صفة ل «عمد» ، ويجيء فيه الاحتمالان المتقدّمان من كون العمد موجودة لكنّها لا ترى ، أو غير موجودة ألبتّة.
والثاني : أنّ الضّمير عائد على «السّموات» ، ثمّ في هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنّها مستأنفة لا محلّ لها ، أي : استشهد برؤيتهم لها لذلك ، ولم يذكر الزمخشري غيره.
والثاني : أنها في محل نصب على الحال من هاء : «ترونها» وتكون حالا مقدرة ؛ لأنها حين رفعها لم نكن مخلوقين ، والتقدير : رفعها مرئية لكم.
وقرأ أبي (٤) : «ترونه» بالتّذكير مراعة للفظ «عمد» إذ هو اسم جمع ، وهذه القراءة رجح بها الزمخشري كون الجملة صفة ل «عمد» ، وزعم بعضهم أن «ترونها» خبر لفظا ، ومعناه الأمر ، أي روها ، وانظروا إليها لتعتبروا بها ، وهو بعيد ؛ ويتعين على هذا أن يكون مستأنفا ، لأن الطّلب لا يقع صفة ، ولا حالا.
و «ثمّ» في «ثمّ استوى» لمجرّد العطف لا للترتيب ؛ لأنّ الاستواء على العرش غير مرتب على رفع السموات.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٩١.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٥٣.
(٣) ينظر البيت في ديوانه (١٣) والبحر المحيط ٥ / ٣٥١ والطبري ١٦ / ٣٢٢ وفتح القدير ٣ / ٦٤ ومجاز القرآن ١ / ٣٢٠ وشرح القصائد العشر ١٥٥ وشرح المعلقات العشر ٢٩٧ ، ٢٨٩ واللسان (خيس) والدر المصون ٤ / ٢٢٤.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٥١٢ والمحرر الوجيز ٣ / ٢٩١ والبحر المحيط ٥ / ٣٥٣ والدر المصون ٤ / ٢٢٤.