قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) ويجوز أن يكون (الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ) صفة ، وقوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ) خبرا».
وقوله «بغير عمد» هذا الجار في محلّ نصب على الحال من «السّموات» أي : رفعها خالية من عمد ، ثمّ في هذا الكلام وجهان :
أحدهما : انتفاء العمد ، والرؤية جميعا ، أي : لا عمد ؛ فلا رؤية ، يعني : لا عمد لها ؛ فلا ترى ، وإليه ذهب الجمهور.
والثاني : أنّ لها عمدا ، ولكنها غير مرئيّة.
وعن ابن عبّاس : ما يدريك أنّها بعمد لا ترى (١) ، وإليه ذهب مجاهد وهذا قريب من قولهم: «ما رأيت رجلا صالحا» ، ونحو : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) [البقرة : ٢٧٣] [الطويل]
٣١٦٢ ـ على لاحب لا يهتدى بمناره |
|
........... (٢) |
وقد تقدّم هذا ، إذا قلنا : إنّ «ترونها» صفة أمّا إذا قلنا : إنّها مستأنفة كما سيأتي ؛ فيتعيّن أن لا عمد لها.
والعامة على فتح العين ، والميم ، وهو اسم جمع ، وعبارة بعضهم : أنه جمع نظرا إلى المعنى دون الصناعة ، وفي مفرده احتمالان :
أحدهما : أنّه عماد مثل «إهاب وأهب».
والثاني : أنه عمود ، كأديم وأدم ، وقضيم وقضم ، كذا قاله أبو حيّان : وقال أبو البقاء : «جمع عماد ، أو عمود مثل : أديم وأدم ، وأفيق وأفق ، وإهاب وأهب ، ولا خامس لها» ، فجعلوا فعولا كفعيل في ذلك.
وفيه نظر ؛ لأنّ الأوزان لها خصوصية ، فلا يلزم من جمع «فعيل» على كذا أن يجمع عليه «فعول» ، فكان ينبغي أن ينظروه بأن : «فعولا» جمع على «فعل» ، ثم قول أبي البقاء «ولا خامس لها» يعني أنه لم يجمع على : «فعل» إلّا هذه الخمسة «عماد وعمود وأديم وأفيق وإهاب».
وهذا الحصر ممنوع لما تقدّم من نحو : قضيم وقضم ، ويجمعان في القلّة على أعمدة. وقرأ أبو حيوة ، ويحيى (٣) بن وثاب : «عمد» بضمتين ، ومفرده يحتمل أن يكون عمادا ، كشهاب ، وشهب ، وكتاب ، وكتب ، وأن يكون عمودا ، كرسول ، ورسل وقد قرىء في السبع : (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) [الهمزة : ٩] بالوجهين.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٣٢٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٨١) وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٩١ والبحر المحيط ٥ / ٣٥٣ والدر المصون ٤ / ٢٢٣ ، ٢٢٤.