قال شهاب الدّين (١) ـ رحمهالله ـ : «وحقّه أن يقع بعده يعني : بعده ، وبعد المبتدأ ، ولا يصير كلامه لا معنى له».
والثاني : أنه مبتدأ ، وجاز الابتداء به لوصفه بقوله : «منكم».
وأعرب سيبويه (٢) : «سواء» عليه الجهر والسّر كذلك ، وقول ابن عطيّة : إنّ سيبويه ضعّف ذلك بأنه ابتداء بنكرة غلط عليه.
قال ابن الخطيب (٣) : لفظ «سواء» يطلب اثنين ، تقول : «سواء زيد ، وعمرو» ، ثم فيه وجهان :
الأول : أنّ «سواء» مصدر ، والمعنى : ذو سواء ، كما تقول : عدل زيد وعمرو ، أي : ذو عدل.
الثاني : أن يكون «سواء» بمعنى مستو ، وعلى هذا التقدير ، فلا حاجة إلى الإضمار ، إلا أنّ سيبويه يستقبح أن يقول : مستو زيد وعمرو ؛ لأنّ أسماء الفاعل إذا كانت نكرة لا يبتدأ بها.
ولقائل أن يقول : بل هذا الوجه أولى ؛ لأنّ حمل الكلام عليه يغني عن التزام الإضمار الذي هو خلاف الأصل.
قوله (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون معطوفا على «مستخف» ، ويراد ب «من» حينئذ اثنان ، وحمل المبتدأ الذي هو لفظ «هو» على لفظها ، فأفرده ، والخبر على معناها فثناه.
والوجه الثاني : أن يكون عطفا على : «من هو» في (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ) لا على : «مستخف» وحده.
ويوضح هذين الوجهين ما قاله الزمخشريّ قال : «فإن قلت : كان حق العبارة أن يقال : ومن هو مستخف باللّيل ، ومن هو سارب بالنّهار حتّى يتناول معنى الاستواء المستخفي ، والسارب ، وإلا فقد تناول واحد هو مستخف وسارب.
قلت : فيه وجهان :
أحدهما : أن قوله : «سارب» عطف على : (مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ) [لا على : «مستخف».
والثاني : أنّه عطف على : «مستخف»](٤) إلا أنّ : «من» في معنى الاثنين ؛ كقوله : [الطويل]
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٣٠.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣٩ / ١٥.
(٤) سقط من : ب.