الأصنام أي : والآلهة ، والذين يدعونهم من دون الله لا يستجيبون لهم بشيء إلا استجابة ، والتقدير : كما تقدّم في الوجه قبله.
وإنّما جمعهم جمع العقلاء ؛ إمّا للاختلاط ، لأنّ آلهتهم عقلاء وجماد ، وإمّا لمعاملتهم إيّاها معاملة العقلاء في زعمهم ، قالوا : الواو في «يدعون» للمشركين والعائد المحذوف للأصنام ، وكذا واو : «يستجيبون».
وقرأ اليزيديّ (١) عن أبي عمرو : «تدعون» بالخطاب : «كباسط كفّيه» بالتنوين وهي مقوية للوجه الثاني ، ولم يذكر الزمخشريّ غيره.
قوله «ليبلغ» اللام متعلقة ب «باسط» ، وفاعل : «يبلغ» ضمير الماء.
قوله : (وَما هُوَ بِبالِغِهِ) في : «هو» ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه ضمير الماء ، والهاء في : «ببالغه» للفم ، أي : وما الماء ببالغ فيه.
الثاني : أنه ضمير الفم ، والهاء في : «ببالغه» للماء ، أي : وما الفم ببالغ الماء إذ كل واحد منهما لا يبلغ الآخر على هذه الحال ، فنسبة الفعل إلى كل واحد وعدمه صحيحان.
الثالث : أن يكون ضمير الباسط ، والهاء في : «ببالغه» للماء ، أي : وما باسط كفيه إلى الماء ببالغ الماء.
ولا يجوز أن يكون «هو» ضمير «الباسط» ، وفاعل «ببالغه» مضمرا والهاء في «ببالغه» للماء ؛ لأنّه حينئذ يكون من باب جريان الصّفة على غير من هي له ، ومتى كان كذلك لزم إبراز الفاعل ، فكان التركيب هكذا : وما هو ببالغ الماء ، فإن جعلنا الضمير في «ببالغه» للماء ؛ جاز أن يكون : «هو» ضمير الباسط كما تقدّم تقريره.
والكاف في «كباسط» إما نعت لمصدر محذوف ، وإما حال من ذلك المصدر ، كما تقدم تقريره.
وقال أبو البقاء : «والكاف في «كباسط» إن جعلتها حرفا كان فيها ضمير يعود على الموصوف المحذوف ، وإن جعلتها اسما لم يكن فيها ضمير».
قال شهاب الدّين (٢) : «وكون الكاف اسما في الكلام ، لم يقل به الجمهور ، بل الأخفش. ويعني بالموصوف ذلك المصدر ، والذي قدره فيما تقدّم».
ثم قال : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ) أصنامهم : (إِلَّا فِي ضَلالٍ) يضلّ عنهم إذا احتاجوا إليه ، كقوله تعالى : (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ) [فصلت : ٤٨].
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ) ربهم : (إِلَّا فِي ضَلالٍ) ؛ لأن أصواتهم محجوبة عن الله ـ عزوجل (٣).
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٣٠٥ ، والبحر المحيط ٥ / ٣٦٨ ، والدر المصون ٤ / ٢٣٦.
(٢) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٣٦.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٢).