من تعظيم الله ، والشفقة على خلق الله إلا أنه لا بد وأن تكون الخشية من الله ـ عزوجل ـ والخوف منه مستويان.
والفرق بين الخشية ، والخوف : أنّ الخشية أن تخشى وقوع خلل إمّا بزيادة ، أو نقص فيما يأتي به ، والخوف : هو مخافة الهيبة والجلال.
القيد الخامس : قوله ـ عزوجل ـ : (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ).
وهذا القيد هو المخافة من سوء الحساب ، وهو خوف الجلال ، والعظمة ، والمهابة ، وإلا لزم التكرار.
القيد السادس : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ).
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : «على أمر الله» (١). وقال عطاء : «على المصائب» (٢). وقيل : على الشّهوات.
واعلم أنّ العبد قد يصبر لوجوه :
إما أن يصبر ليقال : ما أصبره ، وما أشد قوته على تحمل النّوائب.
وإما أن يصبر لئلا يعاب على الجزع.
وإما أن يصبر لئلا تحصل شماتة الأعداء ، وإما أن يصبر لعلمه أنّ الجزع لا فائدة فيه.
فإذا كان أتى بالصّبر لأحد هذه الوجوه ، لم يكن داخلا في كمال النفس ، أمّا إذا صبر على البلاء لعلمه أن البلاء قسمة القاسم الحكيم العلام المنزه عن العبث ، والباطل ، والسّفه وأنّ تلك القسمة مشتملة على حكمة بالغة ، ومصلحة راجحة ، ورضي بذلك ؛ لأنّه لا اعتراض على المالك في تصرّفه في ملكه ، فهذا هو الذي يصدق عليه أنه صبر ابتغاء وجه ربه ؛ لأنه صبر لمجرّد طلب رضوان الله.
القيد السابع : قوله تعالى : (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) واعلم أنّ الصّلاة ، والزّكاة ، وإن كانتا داخلتين في الجملة الأولى ، إلّا أنه ـ تعالى ـ أفردهما بالذّكر تنبيها على كونهما أشرف سائر العبادات ، ولا يمتنع دخول النّوافل فيه أيضا.
القيد الثامن : قوله تعالى : (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) قال الحسن ـ رضي الله عنه ـ : المراد الزكاة المفروضة فإن لم يتّهم بتركها أدّاها سرّا ، وإن اتهم بتركها فالأولى أداؤها في العلانية (٣). وقيل : السرّ : ما يؤديه بنفسه ، والعلانية : ما يؤديه إلى الإمام.
وقيل : العلانية : الزكاة ، والسر : صدقة التّطوع.
القيد التاسع : قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) قيل : إذا أتوا المعصية ، درءوها ، أو دفعوها بالحسنة.
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٦).
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٩ / ٣٥).