٣١٩٧ ـ لو أنّ سلمى أبصرت تخدّدي |
|
ودقّة في عظم ساقي ويدي |
وبعد أهلي وجفاء عوّدي |
|
عضّت من الوجد بأطراف اليد (١) |
وقد مضى هذا المعنى في آل عمران [١٠٩] ف «في» على بابها من الظرفية ، أي : فردّوا أيديهم على أفواههم ضحكا ، واستهزاء ، ف «في» بمعنى «على» وأشاروا إلى ألسنتهم وما نطقوا به من قولهم : إنّا كفرنا ، ف «عن» بمعنى «إلى» ويجوز أن يكون المرفوع للكفار ، والأحزان للرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أن يراد بالأيدي : النّعم ، أي : ردوا نعم الرسل وهي مصالحهم في أفواه الرسل ؛ لأنهم إذا كذبوها كأنهم رجعوا بها من حيث جاءت على سبيل المثال ، ويجوز أن يراد المعنى ، والمراد بالأيدي : الجوارح ، ويجوز أن يكون الأولان للكفّار ، والأخير للرسل ، فرد الكفار أيديهم في أفواههم أي في أفواه الرسل ، أي : أطبقوا أفواههم يشيرون إليهم بالسّكوت ، أو وضعوها على أفواههم يمنعونهم بذلك من الكلام.
وقيل : «في» هنا بمعنى الباء. قال الفراء : «قد وجدنا من العرب من يجعل «في» موضع الباء ، يقال : أدخلت بالجنّة ، وأدخلت في الجنّة» وأنشد : [الطويل]
٣١٩٨ ـ وأرغب فيها عن لقيط ورهطه |
|
ولكنّني عن سنبس لست أرغب (٢) |
أي : أرغب بها.
وقال أبو عبيدة ـ رحمهالله ـ : هذا ضرب مثل يقوله العرب : رد يده إلى فيه إذا ترك ما أمر به.
ورد عليه : بأن من حفظ حجّة على من لم يحفظ.
وقال أبو مسلم : المراد باليد : ما نطقت به الرّسل من الحجج ؛ لأنّ إسماع الحجّة إنعام عظيم ، والإنعام يسمى يدا ، يقال لفلان عندي يد ، إذا أولاه معروفا وقد يذكر اليد والمراد منها صفقة البيع والعقد ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح : ١٠] فالبينات التي ذكرها الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ وقرّروها لهم نعم وأياد ، وأيضا : العهود التي أتوا بها مع القوم أيادي. وجمع اليد في القلة : أيدي ، وفي الكثرة أيادي.
وإذا ثبت أنّ بيانات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وعهودهم يصح تسميتها بالأيدي والنصائح ، والعهود إنّما تظهر من الفم ، فإذا لم تقبل صارت مردودة إلى حيث جاءت فلما كان القبول تلقيا بالأفواه عن الأفواه كان الدفع ردّا في الأفواه.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ٥ / ٣٨١ ، الكامل ١ / ١١٨ ، فتح القدير ٣ / ٩٧.
(٢) ينظر : اللسان (ذرأ) ، التهذيب (ذرأ) ، البحر المحيط ٥ / ٣٩٨ ، الطبري ١٦ / ٥٣٥ ، روح المعاني ١٣ / ١٩٣ ، معاني الفراء ٢ / ٧٠ ، الدر المصون ٤ / ٢٥٣.