وقيل : المراد بقولهم : «لا يعلمهم» أي : عددهم ، وأعمارهم ، وكيفياتهم.
وقال عروة بن الزبير : «ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان ، وإسماعيل» (١).
قوله : «قوم نوح» بدل ، أو عطف.
قوله : (وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) «يجوز أن يكون عطفا على الموصول الأول ، أو على المبدل منه ، وأن يكون مبتدأ خبره : (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) ، (وَجاءَتْهُمْ) خبر آخر وعلى ما تقدم يكون : (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) حالا من «الّذين» أو من الضمير في : «من بعدهم» لوقوعه صلة».
وهذا عنى أبو البقاء (٢) بقوله : حال من الضمير في : «من بعدهم» ولا يريد به الضمير المجرور ؛ لأنّ مذهبه منع الحال من المضاف ، وإن كان بعضهم جوزه في صوره وجوز أيضا هو والزمخشري أن يكون استئنافا.
وقال الزمخشري (٣) : «والجملة من قوله : (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) اعتراض».
ورد عليه أبو حيان (٤) : بأن الاعتراض إنما يكون بين جزءين ، أحدهما يطلب الآخر.
ولذلك لما أعرب الزمخشريّ : «والّذين» مبتدأ ، و «لا يعلمهم» خبره ، قال : «والجملة من المبتدأ ، والخبر اعتراض» ، واعترضه أبو حيّان أيضا بما تقدّم.
ويمكن أن يجاب عنه في الموضعين : بأن الزمخشري يمكن أن يعتقد أن : «جاءتهم» حال مما تقدّم ، فيكون الاعتراض واقعا بين الحال وصاحبها ، وهو كلام صحيح.
قوله تعالى : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) يجوز أن تكون الضمائر للكفار ، أي : فردّ الكفار أيديهم في أفواههم من الغيظ ، لقوله : (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) [آل عمران : ١٠٩] قاله ابن عباس ، وابن مسعود (٥) ، والقاضي.
قال القرطبيّ : وهذا أصح الأقوال ، قال الشاعر : [الرجز]
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٣٥) وعزاه إلى أبي عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ٦٦.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٤٢.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٩٧.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٢٢ ، ٤٢٣) عن ابن مسعود وابن عباس وأخرجه الحاكم (٢ / ٣٥٠ ـ ٣٥١) عن عبد الله بن مسعود.
وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٣٥) عن ابن مسعود وزاد نسبته إلى عبد الرزاق والفريابي وأبي عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني.
وذكره الماوردي في «تفسيره» (٣ / ١٢٤) والبغوي (٣ / ٢٧).