وقال أبو ظبيان عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : هي شجرة في الجنّة أصلها ثابت في الأرض ، وفرعها أعلاها في السماء ، كذلك أصل هذه الكلمة راسخ في قلب المؤمن بالمعرفة ، والتصديق ، فإذا تكلّم بها عرجت ، فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله ـ عزوجل ـ قال تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)(١) [فاطر : ١٠]. ووصف الشجرة بكونها طيبة وذلك يشمل طيب الصورة والشكل والمنظر ، والطعم ، والرائحة والمنفعة ويكون أصلها ثابت ، أي : راسخ آمن من الانقطاع ، والزوال ويكون فرعها في السماء ؛ لأن ارتفاع الأغصان يدلّ على ثبات الأصل ، وأنّها متى ارتفعت كانت بعيدة عن عفونات الأرض ، فكانت ثمارها نقيّة طاهرة عن جميع الشّوائب ، ووصفها أيضا بأنها : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) والحين في اللغة هو الوقت ، والمراد أنّ ثمار هذه الشجرة تكون أبدا حاضرة دائمة في كلّ الأوقات ولا تكون مثل الأشجار التي تكون ثمارها حاضرة في بعض الأوقات دون بعض.
وقال مجاهد وعكرمة : والحين : سنة كاملة ؛ لأنّ النخلة تثمر كلّ سنة (٢). وقال سعيد بن جبير ، وقتادة والحسن : ستة أشهر من وقت إطلاعها إلى حين صرامها وروي ذلك عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنه (٣).
وقيل : أربعة أشهر من حين ظهورها إلى إدراكها.
وقال سعيد بن المسيب : شهران من حين أن يؤكل منها إلى الصرام (٤).
وقال الربيع بن أنس ـ رضي الله عنه ـ : كل حين ، أي : كل غدوة ، وعشية ، لأن ثمرة النخل تؤكل أبدا ليلا ونهارا صيفا وشتاء إما تمرا رطبا أو بسرا ، كذلك عمل المؤمن يصعد أوّل النهار وآخره ، وبركة إيمانه لا تنقطع أبدا ، بل تتصل في كلّ وقت (٥).
والحكمة في تمثيل الإيمان بالشجرة ، وهي أن الشجرة لا تكون إلا ثلاثة أشياء :
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٣٢).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٤٣) عن مجاهد وابن زيد وذكره الماوردي في «تفسيره» (٣ / ١٣٢) ، عن مجاهد والبغوي (٣ / ٣٢) عن مجاهد وعكرمة.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٤٢) عن عكرمة وسعيد بن جبير وابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٤٤) عن عكرمة وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره عن ابن عباس وزاد نسبته إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره الماوردي (٣ / ١٣٢) عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٤٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٤٥) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٤٠ ـ ٤٤١) عن ابن عباس والربيع بن أنس. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٤٥) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى البيهقي.