وقال سعيد بن جبير : لحجّت اليهود ، والمجوس ، ولكنه قال : (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ) فهم المسلمون (١).
(وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ) ممّا رزقت سكان القرى ذوات الماء : (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) وذلك يدل على أن المقصود من منافع الدنيا : أن يتفرغ لأداء العبادات.
ثم قال ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) من أمورنا.
قال ابن عباس ومقاتل : من الوجد بإسماعيل ، وأمه حيث أسكنهما بواد غير ذي زرع(٢). (وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ).
قيل : هذا كله قول إبراهيم عليهالسلام ، وقال الأكثرون : قول الله تعالى ؛ تصديقا لقول إبراهيمصلىاللهعليهوسلم.
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ) في «على» وجهان :
أحدهما : أن «على» على بابها من الاستعلاء المجازي.
والثاني : أنها بمعنى «مع» كقوله : [المنسرح]
٣٢٣٣ ـ إنّي على ما ترين من كبري |
|
أعلم من حيث تؤكل الكتف (٣) |
قال الزمخشري : «ومحلّ هذا [الجار](٤) النصب على الحال من الياء في : «وهب لي».
الآية تدلّ على أنه ـ تعالى ـ أعطى إبراهيم ، وإسماعيل ، وإسحاق ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ على الكبر والشيخوخة فأمّا مقدار سنه فغير معلوم من القرآن ، فالمرجع فيه إلى الروايات.
فروي لما ولد إسماعيل كان سن إبراهيم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ تسعا وتسعين سنة ، ولما ولد إسحاق كان سنة مائة واثنتي عشرة سنة.
وقيل : ولد إسماعيل لأربع وستين سنة ، وولد إسحاق [لتسعين](٥) سنة.
وعن سعيد بن جبير ـ رضي الله عنه ـ لم يولد لإبراهيم صلىاللهعليهوسلم إلا بعد مائة وسبع عشرة سنة، [وإنما ذكر هذا الكبر ؛ لأن المنة بهبة الولد في هذا السن أعظم ؛](٦) لأنه زمن اليأس من الولد.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٤٦٥) وذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٣٨).
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٣٨).
(٣) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٢٣ ، روح المعاني ١٣ / ٢٤٢ ، الكشاف ٢ / ٤٣٦ ، حاشية الشهاب ٥ / ٢٧٤ ، الرازي ١٩ / ١٤١ ، السراج المنير ٢ / ١٨٧ ، شواهد الكشاف ٤ / ٤٥٨ ، الدر المصون ٤ / ٢٧٥.
(٤) في ب : الحمد.
(٥) في ب : لسبعين.
(٦) سقط من ب.