إليه الناس ؛ لقوله : (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) [الرعد : ٨] وقوله تعالى : (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) [الحجر : ٢١].
وقيل : المناسب المطابق للحكمة كقولهم : كلام موزون ، أي : متناسب بعيد عن اللغو ، والمعنى : موزون بميزان الحكمة ، والعقل.
وقيل : موزون ؛ بمعنى أنّ الذي تنبته الأرض نوعان : المعادن ، والنبات ، أما المعادن : فهي بأسرها موزونة ، وأما النبات : فيرجع عاقبته إلى الوزن ، كالمخترف ، والفواكه في الأكثر.
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) جمع معيشة ، أراد الله بها المطاعم ، والمشارب ، والملابس ، وقيل : ما يعيش به المرء في الدنيا ، وقد تقدّم الكلام على المعايش في الأعراف.
قوله تعالى : (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) ، يجوز فيه خمسة أوجه :
أحدها : قول الزجاج : أنه منصوب بفعل مقدر ، تقديره : وأغنينا من لستم له برازقين ، كالعبد ، والدّواب ، والوحوش.
الثاني : أنه منصوب عطفا على «معايش» ، أي : وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين من الدّواب المنتفع بها.
الثالث : أنه منصوب عطفا على محل «لكم».
الرابع : أنه مجرور عطفا على «كم» المجرور بها اللام ؛ وجاز ذلك من غير إعادة الجار على رأي الكوفيين ، وبعض البصريين ، وتقدم تحقيقه في البقرة ، عند قوله : (وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [البقرة : ٢١٧].
الخامس : أنه مرفوع بالابتداء ، وخبره محذوف ، أي : ومن لستم له برازقين ، جعلنا له فيها معايش ، وسمع من العرب : ضربت زيدا ، وعمرو ، برفع «عمرو» ؛ مبتدأ محذوف الخبر ، أي : وعمرو ضربته ، و «من» يجوز أن يراد بها العقلاء ، أي : من لستم له برازقين من مواليكم الذين تزعمون أنكم ترزقونهم ، أو يراد بها غير العقلاء ، أي : من لستم له برازقين من الدوابّ ، وإن كنتم تزعمون أنكم ترزقونهم ؛ قال الله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) [النور : ٤٥] ، وقال سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) [النمل : ١٨] فذكرها بصيغة جمع العقلاء ، ويجوز أن يراد بها النوعان ؛ وهو حسن لفظا ومعنى.
قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ) ، «إن» : نافية ، و «من» مزيدة في المبتدإ ، و «عندنا» خبره ، و «خزائنه» فاعل به ؛ لاعتماده على النّفي ، ويجوز أن يكون «عندنا» خبرا ل «ما» بعده ، والجملة خبر الأولى ، والأول أولى ؛ لقرب الجارّ من المفرد.