قال أبو البقاء بعد أن قدر أصحاب ضيافته : والمصدر على هذا مضاف إلى المفعول (١).
قال شهاب الدّين : وفيه نظر ، إذ الظّاهر إضافته لفاعله ؛ لأنه النبي صلىاللهعليهوسلم.
قوله تعالى : (فَقالُوا سَلاماً) ، أي نسلّم لك سلاما أو سلّمت سلاما ، أو سلموا سلاما ، قاله القرطبي (٢) رحمهالله تعالى.
قال : (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) أي : خائفون ؛ لأنهم لم يأكلوا طعامه ، وقيل : لأنهم دخلوا بغير إذن ، وبغير وقت.
قوله : «لا توجل» العامة على فتح التاء من «وجل» ك : «شرب» يشرب ، والفتح قياس «فعل» إلا أن العرب آثرت [يفعل بالكسر](٣) في بعض الألفاظ إذا كانت واوا ، نحو : «نبق» وقرأ الحسن (٤) : «لا توجل» مبنيا للمفعول من الإيجال.
وقرىء (٥) : «لا تأجل» ، والأصل : «توجل» كقراءة العامة ، إلّا أنه أبدل من الواو ألفا لانفتاح ما قبلها ، وإن لم تتحرّك كقولهم : «تابة» ، و «صامة» في «توبة» ، و «صومة» وسمع : اللهم تقبّل تابتي ، وصامتي. وقرىء أيضا : «لا تواجل» من المواجلة.
ومعنى الكلام : لا تخف ؛ «إنّا نبشّرك» ، قرأ حمزة (٦) : «إنّا نبشرك» بفتح النون وتخفيف الباء ، والباقون بضم النون ، وفتح الباء ، و «إنّا نبشّرك» استئناف بمعنى التعليل للنهي عن الوجل ، والمعنى إنّك بمثابة الآمن المبشر فلا توجل.
واعلم أنّهم بشروه بأمرين :
أحدهما : أنّ الولد ذكر ، والثاني : أنه عليم.
فقيل : بشّروه بنبوته بعده. وقيل : عليم بالدّين ، فعجب إبراهيم أمره و (قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) قرأ الأعرج : «بشّرتموني» بإسقاط (٧) أداة الاستفهام ، فيحتمل الإخبار ، ويحتمل الاستفهام ، وإنما حذفت أداته للعلم به.
و «على أن مسّني» في محل نصب على الحال.
وقرأ (٨) ابن محيصن : «الكبر» بزنة «فعل». قوله : «فبم تبشّرون» «بم» متعلق ب «تبشّرون» ، وقدم وجوبا ؛ [لأنه](٩) استفهام وله صدر الكلام.
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٠ / ٢٤.
(٣) في ب : بفتح الكسر.
(٤) ينظر : الإتحاف : ٢ / ١٧٧ ، البحر ٥ / ٤٤٦ ، والمحتسب ٢ / ٤ ، والدر المصون ٤ / ٣٠٠.
(٥) قرأ بها أبو معاذ ينظر : الشواذ ٧١ ، والبحر ٥ / ٤٤٦ ، والدر المصون ٤ / ٣٠٠.
(٦) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٨٠.
(٧) ينظر : البحر ٥ / ٤٤٦ ، والدر المصون ٤ / ٣٠٠.
(٨) ينظر : السابق نفسه.
(٩) في ب : لأن ما.