وهذا البيت لامرىء القيس : [الطويل]
٣٠٨٢ ـ أتقتلني وقد شعفت فؤادها |
|
كما شعف المهنوءة الرّجل الطّالي (١) |
والناس إنما يروونه بالمعجمة ، ويفسرونه بأنه أصاب حبّه شغاف قلبها ، أي : أحرق حجابه ، وهي جليدة رقيقة دونه ، كما شغف ، أي : كما أحرق ، وأراد بالمهنوءة : المطليّة بالهناء ، أي : القطران ، ولا ينشدونه بالمهملة ، وكشف أبو عبيدة عن هذا المعنى ؛ فقال : «الشّغف : إحراق الحبّ للقلب مع لذة يجدها ؛ كما أنّ البعير إذا طلي بالقطران ، بلغ منه مثل ذلك ، ثم يستروح إليه».
وقال أبو البقاء (٢) ـ رحمهالله ـ لما حكى هذه القراءة : «من قولك : فلان مشغوف بكذا ، أي : مغرم به».
وقال ابن الأنباريّ : «الشّغف : رءوس الجبال ، ومعنى شغف بفلان : إذا ارتفع حبّه إلى أعلى موضع من قلبه».
وعلى هذه الأقوال فمعناهما متقارب ، وفرق بعضهم بينهما ، فقال ابن زيد : «الشّغف ـ يعني بالمعجمة ـ في الحبّ ، والشعف : في البغض».
وقال الشعبيّ : الشّغف ، والمشغوف ـ بالغين ـ منقوطة ـ في الحبّ ، والشّعف : الجنون ، والمشعوف : المجنون» (٣).
قوله : (إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، أي : خطأ مبين ظاهر ، وقيل : معناه : إنّها تركت ما يكون عليه أمثالها من العفاف والستر.
«فلّما سمعت» راعيل «بمكرهنّ» ؛ بقولهنّ ، وسمى قولهنّ مكرا ؛ لوجوه :
الأول : أنّ النسوة ، إنما قلن ذلك ؛ مكرا بها ؛ لتريهنّ (٤) يوسف ، وكان يوصف لهن حسنه وجماله ؛ لأنّهن إذا قلن ذلك ، عرضت يوسف عليهنّ ؛ ليتمهد عذرها عندهن.
الثاني : أنّها أسرّت إليهنّ حبّها ليوسف واستكتمتهنّ ، فأفشين ذلك السرّ ؛ فلذلك سمّاه مكرا.
الثالث : أنهن وقعن في الغيبة ، والغيبة إنما تذكر على سبيل الخفية ، فأشبهت المكر.
(أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ) : قال المفسرون : اتخذت مأدبة ، ودعت جماعة من أكابرهن ، «وأعتدت» ، أي : أعدّت «لهنّ متّكئا».
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ٥٢.
(٣) ينظر : الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٩٦) والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٧).
(٤) لتزيهن في : ب.