قرأ العامة : «متّكئا» بضم الميم ، وتشديد التاء ، وفتح الكاف والهمز ، وهو مفعول به ، ب «أعتدت» أي : هيّأت ، وأحضرت.
والمتّكأ : الشيء الذي يتكأ عليه ، من وسادة ونحوها ، والمتّكأ : مكان الاتّكاء ، وقيل : طعام يجزّ جزّا.
قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد ـ رضي الله عنهم ـ : «متّكئا ، أي : طعاما ، سمّاه «متّكئا» ؛ لأنّ أهل الطعام إذا جلسوا ، يتكئون على الوسائد ، فسمى الطعام متكئا ؛ على الاستعارة» (١).
وقيل : «متّكئا» ، طعام يحتاج إلى أن يقطع بالسكّين ؛ لأنه إذا كان كذلك ، احتاج الإنسان إلى أن يتكىء عليه عند القطع.
وقال القتبي : يقال : اتكأنا عند فلان ، أي : أكلنا.
وقال الزمخشري (٢) : من قولك : اتكأنا عند فلان ، طعمنا على سبيل الكناية ؛ لأنه من دعوته ليطعم عندك اتخذت له تكأة يتكىء عليها ؛ قال جميل : [الخفيف]
٣٠٨٣ ـ فظللنا بنعمة واتّكأنا |
|
وشربنا الحلال من قلله (٣) |
فقوله : «وشربنا» مرشح لمعنى «اتّكأنا» : أكلنا.
وقرأ (٤) أبو جعفر ، والزهريّ ـ رحمهماالله ـ : «متّكا» مشددة التاء ، دون همز ، وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون أصله : «متكأ» كقراءة العامّة ، وإنما خفف همزه ؛ كقولهم : «توضّيت» في توضّأت ، فصار بوزن «متّقى».
والثاني : أن يكون «مفتعلا» من أوكيت القربة ، إذا شددت فاها بالوكاء.
فالمعنى : أعتدت شيئا يشتددن عليه ؛ إمّا بالاتّكاء ، وإمّا بالقطع بالسكّين ، وهذا الثاني تخريج أبي الفتح.
وقرأ الحسن (٥) ، وابن هرمز : «متّكاء» بالتشديد والمد ، وهي كقراءة العامة ، إلّا أنه أشبع الفتحة ؛ فتولدت منها الألف ؛ كقوله : [الوافر]
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٩٩) عن ابن عباس والحسن وقتادة وسعيد بن جبير وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٩) عن سعيد بن جبير وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٦٣.
(٣) ينظر البيت في ديوانه (٦٩) وشواهد المغني (١٢٦) وتأويل المشكل (١٨١) والقرطبي ٩ / ١٧٨ وروح المعاني ١٢ / ٢٢٨ واللسان (قلل) والخزانة ٤ / ١٩٩ وأساس البلاغة ٢ / ٢٧٣ وشرح شواهد المغني للسيوطي (١٢٦) والأغاني ٧ / ٧٩ والدر المصون ٤ / ١٧٤.
(٤) وقرأ بها أيضا شيبة بن نصاح ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٣٩ والبحر المحيط ٥ / ٣٠٢ وينظر : الدر المصون ٤ / ١٧٤.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٣٩ والبحر المحيط ٥ / ٣٠٢ والدر المصون ٤ / ١٧٤.