الوقف ، ونقل ابن عطية عن الحسن أنه قرأ (١) : «حاش الإله» قال محذوفا من «حاشا» يعني أنه قرأ بحذف الألف الأخيرة ، ويدلّ على ذلك ، ما صرّح به صاحب اللوامح ، فإنه قال : «بحذف الألف» ثم قال : وهذا يدلّ على أنه حرف جرّ ، يجر به ما بعده. فأما الإله : فإنه فكّه عن الإدغام ، وهو مصدر أقيم مقام المفعول ، ومعناه : المعبود ، وحذف الألف من «حاش» ؛ للتخفيف.
قال أبو حيّان (٢) : «وهذا الذي قاله ابن عطية ، وصاحب اللوامح : من أنّ الألف في «حاشا» في قراءة الحسن ، محذوفة ، لا يتعيّن إلّا أن ينقل عنه أنه يقف في هذه القراءة بسكون الشّين ، فإنه لم ينقل عنه في ذلك شيء ، فاحتمل أن تكون الألف حذفت ؛ لالتقاء الساكنين ، والأصل : حاشا الإله ، ثم نقل فحذف الهمزة ، وحرّك اللام بحركتها ، ولم يعتدّ بهذا التحريك ؛ لأنه عارض ، كما تحذف في نحو «يخشى الإله» ولو اعتد بالحركة لم يحذف الألف».
قال شهاب الدّين (٣) ـ رحمهالله ـ : الظاهر أن الحسن يقف في هذه القراءة بسكون الشّين ، ويستأنس له ، بأنه سكّن الشين في الرواية الأخرى عنه ، فلما جيء بشيء محتمل ، ينبغي أن يحمل على ما خرج به ، وقول صاحب اللّوامح : وهذا يدلّ على أنه حرف جرّ يجرّ به ما بعده ، لا يصحّ ؛ لما تقدم من أنّه لو كان حرف جرّ ، لكان مستثنى به ، ولم يتقدم ما يستثنى منه بمجروره.
واعلم أنّ اللام الداخلة على الجلالة ، متعلقة بمحذوف على سبيل البيان ، كهي في «سقيالك» ، و «رعيا لزيد» عند الجمهور ، وأما عند المبرد ، والفارسي : فإنها متعلقة بنفس «حاشى» ؛ لأنها فعل صريح ، وقد تقدّم أن بعضهم يرى زيادتها.
قال المفسّرون : معنى قوله : «حاشى لله» أي : تنزّه الله تعالى عن العجز ، حيث قدر على خلق جميل مثله ، وقيل : معاذ الله أن يكون هذا بشرا.
قوله : (ما هذا بَشَراً) العامة على إعمال «ما» على اللغة الحجازيّة وهي اللغة الفصحى ، ولغة تميم الإهمال ، وقد تقدّم تخفيف هذا ، أول البقرة [البقرة : ٨] ، وما أنشده عليه من قوله : [الكامل]
٣١٠١ ـ وأنا النّذير بحرّة مسودّة |
|
........... |
البيتين (٤).
ونقل ابن عطيّة : أنه لم يقرأ أحد إلّا بلغة الحجاز ، وقال الزمخشري : ومن قرأ على
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٣٩ والبحر المحيط ٥ / ٣٠٣ والدر المصون ٤ / ١٧٨.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٠٣.
(٣) ينظر : الدر المصون ٤ / ١٧٩.
(٤) تقدما.