وقرأ الأعمش (١) ، في طائفة «حشى لله» بحذف الألفين ، وقد تقدم أنّ الفراء حكاها لغة عن بعض العرب ؛ وعليه قوله : [الوافر]
٣٠٩٩ ـ حشى رهط النّبيّ ... |
|
........... (٢) |
البيت.
وقرأ أبي (٣) ، وعبد الله : «حاشى الله» بجر الجلالة ، وفيها وجهان :
أحدهما : أن تكون اسما مضافا للجلالة ، نحو سبحان الله ، وهو اختيار الزمخشريّ.
والثاني : أنه حرف استثناء ، جر به ما بعده ؛ وإليه ذهب الفارسيّ.
وفي جعله : «حاشا» حرف جرّ مرادا به الاستثناء ، نظر ؛ إذ لم يتقدم في الكلام شيء يستثنى منه الاسم المعظّم ، بخلاف : قام القوم حاشا زيد ، واعلم أنّ النحويين لما ذكروا هذا الحرف ، جعلوه من المتردّد بين الفعلية ، والحرفية كما عند من أثبت فعليّته ، وجعله في ذلك ك «خلا» و «عدا» ، وهذا عند من أثبت حرفيته ، وكان ينبغي أن يذكروه من المتردد بين الاسمية ، والفعلية ، والحرفية ، كما فعلوا ذلك في «على» فقالوا : تكون حرف جرّ في : «عليك» ، واسما في قوله : «من عليه» ، وفعلا في قوله : [الطويل]
٣١٠٠ ـ علا زيدنا يوم النّقا ........ |
|
........... (٤) |
وإن كان فيه نظر ، تلخيصه : أنّ «علا» حال كونها فعلا غير «على» ، حال كونها غير فعل ؛ بدليل أنّ الألف الفعلية منقلبة عن واو ، ويدخلها التصريف ، والاشتقاق دون ذينك.
وقد يتعلق من ينتصر للفارسي بهذا ، فيقول : لو كان «حاشا» في قراءة العامّة اسما ، لذكر ذلك النحويون عند ترددها بين الحرفية ، والفعلية ، فلمّا لم يذكروه ، دلّ على عدم اسميتها.
وقرأ الحسن (٥) : «حاش» بسكون الشين ، وصلا ووقفا ، كأنه أجرى الوصل مجرى
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٦٥ والبحر المحيط ٥ / ٣٠٣ والدر المصون ٤ / ٢٧٨.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٣٩ والبحر المحيط ٥ / ٣٠٣ والدر المصون ٤ / ١٧٨.
(٤) جزء من صدر بيت لزيد من ولد عروة بن زيد الخيل وتمامه :
علا زيدنا يوم النقار رأس زيدكم |
|
بأبيض ماضي الشفرتين يماني |
ينظر : شواهد المغني ١ / ١٦٥ والخزانة ١٦٥ والخزانة ٢ / ٢٢٤ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٧١ والأشباه والنظائر ٣ / ١٨٩ ، ١٩١ وجواهر الأدب ص ٣١٥ وسر صناعة الإعراب ٣ / ٤٥٢ ، ٤٥٦ وشرح الأشموني ١ / ١٨٦ وشرح التصريح ١ / ١٥٦٣ وشرح المفصل ١ / ٤٤ واللسان (زيد) والمغني ١ / ٥٢ والكامل ٣ / ١٥٧ والدر المصون ٤ / ١٧٨.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٣٩ والبحر المحيط ٥ / ٣٠٣ والدر المصون ٤ / ١٧٨.