يذكر التصريفيون هذا المعنى ل «استفعل» ، وأما : استمسك ، واستجمع الرأي ، واستوسع (١) الفتق ، ف «استفعل» فيه لموافقة «افتعل» ، والمعنى : امتسك ، واتسع ، واجتمع ، وأما «استفحل الخطب» ف «فاستفعل» فيه موافقة ل «تفعّل» أي : تفحّل الخطب نحو «استكبر وتكبّر».
قوله : «ما آمره» في «ما» وجهان :
أحدهما : مصدرية.
والثاني : أنها موصولة ، وهي مفعول بها بقوله : «يفعل» ، والهاء في «آمره» تحتمل وجهين :
أحدهما : العود على «ما» الموصولة ، إذا جعلناها بمعنى الذي.
والثاني : العود على يوسف.
ولم يجوّز الزمخشريّ عودها على يوسف إلا إذا جعلت «ما» مصدرية ، فإنه قال : «فإن قلت : الضمير في : «ما آمره» راجع إلى الموصول أم إلى يوسف؟ قلت : بل إلى الموصول ، والمعنى : ما آمر به ، فحذف الجار ؛ كما في قوله : [البسيط]
٣١٠٢ ـ أمرتك الخير ... |
|
........... (٢) |
ويجوز أن تجعل «ما» مصدرية ، فيعود على يوسف ، ومعناه : ولئن لم يفعل أمري إيّاه ، أي : موجب أمري ، ومقتضاه».
وعلى هذا ، فالمفعول الأول محذوف ، تقديره : ما آمره به ، وهو ضمير يوسف عليهالسلام.
قوله (وَلَيَكُوناً) قرأ العامة بتخفيف نون «وليكونا» ، ويقفون عليها بالألف ؛ إجراء لها مجرى التنوين ، ولذلك يحذفونها بعد ضمة ، أو كسرة ، نحو : هل تقومون ؛ وهل تقومين؟ في : هل تقومن؟ والنون الموجودة في الوقف ، نون الرفع ، رجعوا بها عند عدم ما يقتضي حذفها ، وقد تقرر فيما تقدّم أنّ نون التوكيد تثقّل ، وتخفف ، والوقف على قوله : «ليسجننّ» بالنّون ؛ لأنّها مشددة ، وعلى قوله : «وليكونا» بالألف ؛ لأنها مخففة ، وهي شبيهة بنون الإعراب في الأسماء ؛ كقولك : رأيت رجلا ، وإذا وقفت قلت : رجلا ، بالألف ، ومثله : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) [العلق : ١٥].
و (مِنَ الصَّاغِرِينَ) من الأذلّاء ، وقرأت فرقة بتشديدها (٣) وفيها مخالفة لسواد المصحف ؛ لكتبها فيه ألفا ؛ لأن الوقف عليها كذلك ؛ كقوله : [الطويل]
٣١٠٣ ـ وإيّاك والميتات لا تقربنّها |
|
ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا (٤) |
__________________
(١) في ب : استودع.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٤١ والبحر المحيط ٥ / ٣٠٥ والدر المصون ٤ / ١٨٠.
(٤) تقدم.