علينا بذلك ، ألا إنّ محمّدا (ص) من قريش ، وقومه أحقّ به وأولى ، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا. فاتّقوا الله ، ولا تخالفوهم ، ولا تنازعوهم.
فقال أبو بكر : هذا عمر ، وهذا أبو عبيدة ، فأيّهما شئتم فبايعوا. فقالا : والله لا نتولّى هذا الأمر عليك ـ الخ (٢٥).
«وقام عبد الرّحمن بن عوف ، وتكلّم فقال : يا معشر الأنصار إنّكم وإن كنتم على فضل ، فليس فيكم مثل أبي بكر وعمر وعليّ. وقام المنذر ابن الأرقم فقال : ما ندفع فضل من ذكرت ، وإنّ فيهم لرجلا لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد ـ يعني عليّ بن أبي طالب ـ (٢٦).
(فقالت الأنصار أو بعض الأنصار : لا نبايع إلّا عليّا) (٢٧).
(قال عمر : فكثر اللّغط وارتفعت الأصوات حتّى تخوّفت الاختلاف فقلت : ابسط يدك لأبايعك (٢٨). فلمّا ذهبا ليبايعاه ، سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه ، فناداه الحباب بن المنذر : يا بشير بن سعد عققت عقاق (٢٩)! أنفست على ابن عمّك الإمارة؟ فقال : لا والله ، ولكنّي كرهت أن أنازع قوما حقّا جعله الله لهم. ولمّا رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وما تدعو إليه قريش وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة ، قال بعضهم لبعض ـ وفيهم أسيد
__________________
(٢٥) لم نسجّل هنا بقيّة الحوار وتعليقنا عليه طلبا للاختصار.
(٢٦) رواه اليعقوبي بعد ذكر ما تقدم في تاريخه ٢ / ١٠٣. والموفقيات للزبير بن بكار ص ٥٧٩.
(٢٧) في رواية الطبري ٣ / ٢٠٨ (وط. أوربا ١ / ١٨١٨) عن إبراهيم ، وابن الأثير ٢ / ١٢٣ : «أن الأنصار قالت ذلك بعد أن بايع عمر أبا بكر».
(٢٨) عن سيرة ابن هشام ٤ / ٣٣٦. وجميع من روى حديث الفلتة. راجع بعده حديث الفلتة في ذكر رأي عمر في بيعة أبي بكر.
(٢٩) الطبري ط. أوربا ١ / ١٨٤٢. وفي رواية ابن أبي الحديد : عقّك عقاق.