ابن حضير وكان أحد النقباء ـ : والله لئن ولّيتها الخزرج عليكم مرّة ، لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ، ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيبا أبدا ، فقوموا فبايعوا أبا بكر (٣٠).
فقاموا إليه فبايعوه ، فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم ... فأقبل النّاس من كلّ جانب يبايعون أبا بكر ، وكادوا يطئون سعد بن عبادة.
فقال أناس من أصحاب سعد : اتّقوا سعدا لا تطئوه.
فقال عمر : اقتلوه ، قتله الله.
ثمّ قام على رأسه فقال : لقد هممت أن أطأك حتّى تندر عضوك. فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر فقال : والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة.
فقال أبو بكر : مهلا يا عمر! الرفق هاهنا أبلغ.
فأعرض عنه عمر (٣١).
وقال سعد : أما والله لو أنّ بي قوّة ما ، أقوى على النهوض لسمعت منّي في أقطارها وسككها زئيرا يجحرك وأصحابك. أما والله إذا لألحقنّك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع. احملوني من هذا المكان. فحملوه فأدخلوه في داره (٣٢).
وروى أبو بكر الجوهري : أنّ عمر كان يومئذ ـ يعني يوم بويع أبو بكر ـ
__________________
(٣٠) وفي رواية أبي بكر في سقيفته : لمّا رأت الأوس أنّ رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع ، قام أسيد بن حضير ـ وهو رئيس الأوس ـ فبايع حسدا لسعد ومنافسة له أن يلي الأمر. راجع شرح النهج ٢ / ٢ في شرحه (ومن كلام له في معنى الأنصار).
(٣١) إن هذا الموقف يوضح بجلاء جماع سياسة الخليفتين من شدّة ولين.
(٣٢) الطبري ٣ / ٤٥٥ ـ ٤٥٩ ، وط. أوربا ١ / ١٨٤٣. (وتندر عضوك) كذا ورد ويعني تسقط أعضاؤك.