غضب الخليفة فخطب وقال في خطبته ما قال؟ إنّ ابن أبي الحديد الشافعي قد كشف في بعض ما رواه عن اسميهما وقال :
(إنّ الرجل الّذي قال : لو قد مات عمر لبايعت فلانا ؛ عمّار بن ياسر قال : لو قد مات عمر لبايعت عليّا. فهذا القول هو الذي هاج عمر أن خطب بما خطب به) (٤)
دراسة مفهوم الخطبة :
يفهم من كلام الخليفة أنه خشي أن يفلت زمام الأمر بعد وفاته من يد قريش ويبادر غيرهم من المسلمين ـ صحابة وتابعين ـ إلى بيعة من يكرهون ولايته ، وهو الإمام علي ، ولذلك ابتكر طريقة سدّ بها الطريق على أولئك وقال : (من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرّة أن يقتلا). قال ذلك في حين أنه بنفسه ولي أمر المسلمين دون مشورة المسلمين ، واستند في شرعية حكمه إلى تعيين الخليفة أبي بكر له ، ومهما يكن من أمر فقد أمسك ـ بطرحه ذلك ـ بزمام الأمر بقوة بيده ، ثم طرح بعد ذلك بقليل ، وعند ما طعن ، وأمر بأن يجتمع ستة من قريش ليختاروا واحدا منهم للخلافة ، وجعل أمر ترشيح الخليفة بيد عبد الرحمن بن عوف ، وشرط هذا ـ للبيعة ـ عمل الخليفة بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين ، فقبل عثمان الشرط ورفضه الإمام علي (ع) ، وكانوا يعلمون أنّ الإمام عليا لا يقبل أن يجعل سيرة أبي بكر وعمر في عداد كتاب الله وسنة رسوله. وإذا رجعنا إلى ص ١٨٣ من هذا الكتاب نجد الخليفة عمر ينبئ سعيد بن العاص الأمويّ أنّ
__________________
(٤) في شرح الخطبة (٢٦) من شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة.