فلا مجال لقاعدة دفع الضرر المظنون هاهنا أصلا ولا استقلال للعقل بقبح فعل ما فيه احتمال المفسدة أو ترك ما فيه احتمال المصلحة فافهم (الثاني) أنه لو لم يؤخذ بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح (وفيه) أنه لا يكاد يلزم منه ذلك الا فيما إذا كان الأخذ بالظن أو بطرفه لازماً مع عدم إمكان الجمع بينهما عقلا أو عدم وجوبه شرعاً ليدور الأمر بين ترجيحه وترجيح طرفه ولا يكاد يدور الأمر بينهما إلّا بمقدمات دليل الانسداد وإلا كان اللازم هو الرجوع إلى العلم أو العلمي أو الاحتياط أو البراءة أو غيرهما على حسب اختلاف الأشخاص أو الأحوال في اختلاف المقدمات على ما ستطلع على حقيقة الحال «الثالث» ما عن السيد الطباطبائي ـ قدسسره ـ من أنه لا ريب في وجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالإتيان بكل ما يحتمل الوجوب ولو موهوماً وترك ما يحتمل
______________________________________________________
أن يتعلق بشيء ما لم يكن فيه بذاته أو بالوجوه والاعتبارات الطارية عليه خصوصية موافقة للغرض داعية إلى تعلق الطلب به حقيقة وإلا كان تعلق الطلب به دون غيره ترجيحا بلا مرجح ، وهذا واضح ... إلخ ، فهذا كله صريح في كونها تابعة لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد فلاحظ ، ولعل مراده غير هذا المقام مما لم أعثر عليه والله سبحانه اعلم (١) (قوله : فلا مجال لقاعدة دفع) بل عرفت ان التحقيق انه لا مجال للتمسك بها والعمدة هو الجواب الثاني المطرد في العقوبة وغيرها فلاحظه وتأمل (٢) (قوله : ولا استقلال للعقل) دفع لما يتوهم من أن الظن بالتكليف وان لم يستلزم الظن بالضرر لكنه مستلزم للظن بالمفسدة أو المصلحة ويكفي ذلك في وجوب العمل بالظن لاستقلال العقل بقبح ارتكاب ما فيه احتمال المفسدة أو ترك المصلحة ، وحاصل الدفع : منع استقلال العقل بذلك (٣) (قوله : أو غيرهما) مثل الاستصحاب أو فتوى المجتهد (٤) (قوله : على حسب اختلاف الأشخاص) وذلك لاختلافهم في التمكن من الرجوع إلى العلم أو العلمي لاختلافهم في الاستظهار من الأدلة المتقدمة فإذا اتفق ثبوت ذلك لبعض لم يجز له الرجوع إلى الظن للتمكن