إن القصد والعزم إنما يكون من مبادئ الاختيار وهي ليست باختيارية وإلا لتسلسل «قلت» : ـ مضافا إلى أن الاختيار وان لم يكن بالاختيار إلّا أن بعض مباديه غالباً يكون وجوده بالاختيار للتمكن من عدمه بالتأمل فيما يترتب على ما عزم عليه من تبعة العقوبة واللوم والمذمة ـ يمكن أن يقال : إن حسن المؤاخذة والعقوبة إنما يكون من تبعة بعده عن سيده بتجريه عليه كما كان من تبعته بالعصيان في صورة المصادفة فكما انه يوجب البعد عنه كذلك لا عرو في أن يوجب حسن العقوبة فانه
______________________________________________________
الفعل المتجري به ، بحمل الأول على القبح الشأني والثاني على الفعلي ، ويكون وجه حمل الأول على النحو الّذي لا يرتبط بالعقاب والثواب والثاني على النحو الآخر لكنه يفيد عن العبارة فتأمل جيداً (١) (قوله : الاختيار وان لم يكن بالاختيار) الاختيار هو القصد والإرادة ، والمراد من كونه ليس بالاختيار انه لا يجب أن يكون كذلك كما في الأفعال الاختيارية ، لكن ربما كان بعض مباديه بالاختيار ، كما أوضح ذلك في الحاشية على الرسائل حيث ذكر أن مقدمات العمل الاختياري : حضور المراد في الذهن ، ثم الميل النفسانيّ إليه ، ثم الجزم وهو حكم القلب بأنه ينبغي صدوره ، ثم العزم والقصد بناء على اتحادهما ، أو القصد بناء على اختلافهما وحديث النّفس لا يدخل تحت الاختيار وكذا الميل ، واما الجزم فيختلف باختلاف الأحوال فقد يكون الفاعل بحيث يقدر على الانصراف بالتأمل بالصوارف والموانع وربما لا يقدر على ذلك لشدة الميل بحيث يغفل عما يترتب على الفعل من المهالك أو لا يبالي ، وكذا العزم بناء على أنه غير القصد فقد يكون كالجزم بحيث يمكن فسخه ... إلخ. ويمكن المناقشة فيما ذكره بنحو لا يسعه المقام (٢) (قوله : يمكن أن يقال) لكن على هذا لا وجه للالتزام بعدم العقاب على الفعل وكونه على خصوص العزم ، وهل الفرار من الأول إلى الثاني الا كالفرار من المطر إلى