وان لم يكن باختياره [١] إلّا انه بسوء سريرته وخبث باطنه بحسب نقصانه واقتضاء استعداده ذاتا وإمكانا وإذا انتهى الأمر إليه يرتفع الإشكال وينقطع السؤال ب (لم) فان الذاتيات ضرورية الثبوت للذات وبذلك أيضا ينقطع السؤال عن انه لِمَ اختار الكافر والعاصي الكفر والعصيان والمطيع والمؤمن الإطاعة والإيمان؟ فانه يساوق السؤال عن أن الحمار لِم يكون ناهقاً والإنسان لِمَ يكون ناطقاً «وبالجملة» : تفاوت أفراد الإنسان في القرب منه جل شأنه وعظمت كبرياؤه والبعد عنه سبب لاختلافها في استحقاق الجنة ودرجاتها والنار ودركاتها وموجب لتفاوتها في نيل الشفاعة
______________________________________________________
الميزاب (١) (قوله : وان لم يكن باختياره إلا أنه بسوء» هذا التزام بما يخالف أصول المذهب وضرورياته ، وأغرب من ذلك ما ذكره في الحاشية على هذا المقام تقريباً لما في المتن ، ومحصله : أن العقاب للعاصي المقابل للمتجري إنما يكون على ما لا بالاختيار فان الموجب لعقابه هي المعصية والمعصية هي المخالفة العمدية ، ومن المعلوم أن المخالفة العمدية بما هي عمدية ليست اختيارية إذ العمد هو الاختيار وليس بالاختيار ، ووجه الاستغراب : أن الموجب للعقاب في العاصي هو المخالفة العمدية ، والمصحح لترتب العقاب صفة العمد المأخوذة فيها ، ولا يتأمل أحد في أنه لا يعتبر في صحة العقاب عمدان بل يكفي عمد واحد فإذا كانت المخالفة عمدية صح العقاب عليها ، وكيف يجعل هذا مثالا تقريبياً لما نحن فيه مع عدم العمد والاختيار فيه بالمرة؟ (٢) (قوله : ذاتا وإمكانا) الأول إشارة إلى الاستعداد القائم بالذات لذاتها ، والثاني إلى ما ينتسب بالذات بتوسط الاقتران ببعض الممكنات (٣) (قوله : وبذلك أيضا ينقطع) إشارة إلى ما
__________________
[١] كيف لا وكانت المعصية الموجبة لاستحقاق العقوبة غير اختيارية فانها هي المخالفة العمدية وهي لا تكون بالاختيار ضرورة ان العمد إليها ليس باختياري وانما تكون نفس المخالفة اختيارية وهي غير موجبة للاستحقاق وانما الموجبة له هي العمدية منها كما لا يخفى على أولي النهي. «منه قدسسره»