على وجوب التوقف أو الاحتياط ، وفيه (أولا) أنه لا وجه للاستدلال بما هو محل الخلاف والإشكال وإلّا لصح الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الأفعال على الإباحة (وثانيا) أنه تثبت الإباحة شرعاً لما عرفت من عدم صلاحية ما دل على التوقف أو الاحتياط للمعارضة لما دل عليها (وثالثا) أنه لا يستلزم القول بالوقف في تلك المسألة للقول بالاحتياط في هذه المسألة لاحتمال ان يقال معه بالبراءة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان «وما قيل» من أن الإقدام على ما لا تؤمن المفسدة فيه كالإقدام على ما تعلم فيه المفسدة «ممنوع» ولو قيل بوجوب دفع الضرر المحتمل فان المفسدة المحتملة في المشتبه ليس بضرر غالباً ضرورة ان المصالح والمفاسد التي هي مناطات الأحكام ليست براجعة إلى المنافع والمضار بل ربما يكون المصلحة فيما فيه الضرر والمفسدة فيما فيه المنفعة واحتمال ان يكون في المشتبه ضرر ضعيف غالباً لا يعتنى به قطعاً ـ مع أن الضرر ليس دائماً مما يجب التحرز عنه عقلا
______________________________________________________
(١) بيان للوقف وضمير به راجع إلى الحظر (٢) (قوله : أولا انه لا وجه) يعني أن القول بان الأصل الحظر هو أحد الأقوال في المسألة فلا وجه للاستدلال به وإلا لجاز لنا الاستدلال بالقول الآخر وهو القول بالإباحة (٣) (قوله : وثانيا انه) اعتراض على قول المستدل : ولم تثبت شرعا إباحة ... إلخ (٤) (قوله : وثالثا انه لا يستلزم) يعني لو سلم عدم ثبوت الإباحة شرعا فليس لازم القول بالوقف هناك القول بالاحتياط في هذه المسألة إذ من المعلوم أن النزاع في تلك المسألة في نفس حكم العقل وعدمه عند النّظر إلى نفس الشيء المشتمل على المصلحة الخالي عن أمارة المفسدة مع قطع النّظر عن العناوين الثانوية ، ومن الواضح أن توقف العقل عن الحكم بالإباحة والحظر بالنظر إلى نفس الشيء لا يستلزم توقفه عن الحكم بالنظر إلى العناوين الثانوية فيجوز أن يحكم بالبراءة في المقام بالنظر إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ولذا ذهب بعض القائلين بالوقف في تلك المسألة إلى القول بالبراءة الشرعية استنادا إلى ما دل عليها من الأدلة الشرعية وآخر إلى البراءة العقلية الواقعية اعتماداً