مع أن حسن الاحتياط لا يكون بكاشف عن تعلق الأمر به بنحو اللم ولا ترتب الثواب عليه بكاشف عنه بنحو الإن ، بل يكون حاله في ذلك حال الإطاعة فانه نحو من الانقياد والطاعة ، وما قيل في دفعه من كون المراد بالاحتياط في العبادات هو مجرد الفعل المطابق للعبادة من جميع الجهات عدا نية القربة فيه ـ مضافا إلى عدم مساعدة دليل حينئذ على حسنه بهذا المعنى فيها بداهة انه ليس باحتياط حقيقة بل هو أمر لو دل عليه دليل كان مطلوباً مولوياً نفسياً عباديا والعقل لا يستقل إلّا بحسن الاحتياط والنقل لا يكاد يرشد الا إليه (نعم) لو كان هناك دليل على الترغيب في الاحتياط في خصوص العبادة لما كان محيص عن دلالته اقتضاء على ان المراد به ذاك المعنى بناء على عدم إمكانه فيها بمعناه حقيقة كما لا يخفى
______________________________________________________
الأمر بمفهوم الاحتياط لا يصحح تطبيقه على المورد. ومن ذلك يظهر الإشكال في قوله : إلا أن الأمر به موقوف على إمكانه ولو بواسطة الأمر ، ضرورة أن الأمر بمفهوم لا يصحح تطبيقه ولا يمكن أن يكون دخيلا فيه لأنه من قبيل الحكم والحكم لا يكون علة لوجود موضوعه. فتأمل جيداً (١) (قوله : مع أن حسن) هذا إشكال آخر على ما ذكر في دفع الإشكال ، (وتوضيحه) : أن حسن الاحتياط عقلا وترتب الثواب عليه لا يكون كاشفاً عن الأمر به ، بل يمكن أن يكون من قبيل حسن الإطاعة الحقيقية وترتب الثواب عليها فانهما لا يكشفان عن الأمر بالإطاعة شرعا لما عرفت من أن الأمر بها إرشادي لا غير فلاحظ (٢) (قوله : فانه نحو من) الضمير راجع إلى الاحتياط وحينئذ يكون ترتب الثواب على الاحتياط ذاتيا بلا توسط امر به (٣) (قوله : في دفعه) أي في دفع الإشكال في جريان الاحتياط في العبادة (٤) (قوله : هو مجرد الفعل) وحينئذ لا مجال للشك في جريانه (٥) (قوله : أنه ليس باحتياط) إذ هو ليس إتيانا بمحتمل الواقع حتى يكون احتياطا حقيقة (٦) (قوله : مولويا نفسيا) يعني لا إرشاديا لأنه ليس موضوعا لحكم العقل حتى يكون الأمر الشرعي إرشادا إليه (قوله : نعم لو كان هناك)