لا نسلم أنه بعد صوم اليوم الأول من اليومين يرتفع العلم بوجوب صوم اليوم المردد بل هو بعد باق حتى لو صام الثاني منهما أيضاً ، غاية الأمر يعلم بسقوط الوجوب للعلم بالامتثال وهو لا ينافي العلم بالثبوت فبعد صوم اليوم الأول يستند تنجز صوم اليوم المردد حينئذ إلى العلم في ذلك الزمان (فان قلت) : كيف يكون العلم بوجوب صوم اليوم المردد منجزاً بعد صوم أحدهما أو إفطاره مع أن بعض أطرافه خارج عن محل الابتلاء فوجوب صوم اليوم الثاني إنما يكون لقاعدة الاشتغال التي هي عين وجوب دفع الضرر المحتمل لا لأجل العلم (قلت) : لا يعتبر في بقاء التنجز لبقاء العلم بقاء تمام الأطراف تحت الابتلاء وانما يعتبر ذلك في حدوث التنجز وأما وجوب صوم اليوم الثاني لقاعدة الاشتغال فهو فرع منجزية العلم في تلك الحال وإشغاله لذمة المكلف ولولاه لا معنى لقاعدة الاشتغال ، فوجوب الاحتياط عقلا في كل واحد من الأطراف في كل آن لأجل احتمال كون الطرف هو الواجب المنجز في ذلك الآن وهو فرع تنجز المعلوم الإجمالي بالعلم في ذلك الآن ، ولا فرق في ذلك بين ما قبل الشروع في واحد من الأطراف وما بعده وان حصل احتمال الموافقة في الثاني فقاعدة الاشتغال بما هي هي ليست منجزة بل هي فرع وجود منجز وشاغل لذمة المكلف يحتمل انطباقه على مجراها ، فلا بد من وجود ذلك المنجز وهو العلم وإن كان بعض أطرافه خارجا عن محل الابتلاء إذ لا يقدح ذلك عقلا إلا في حدوث التنجز. فتأمل (وقد يدفع) أيضاً بان العلم بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ أو طرف الملاقى ناشئ من العلم الإجمالي بنجاسة أحد الأصليين فيكون متأخراً عنه رتبة ، وحينئذ فلا يصلح لأن ينجز متعلقه لأن أحد طرفيه متنجز بالعلم السابق رتبة ، ولأجل ذلك تختلف الصور في وجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ دون الملاقى ـ بالفتح ـ أو العكس أو وجوب الاجتناب عنهما باختلاف كون العلم الّذي أحد طرفيه الملاقي ـ بالكسر ـ ناشئاً مما كان أحد طرفيه الملاقى (بالفتح) أو العكس أو كونهما ناشئين عن سبب ثالث «وفيه» أن العلم المذكور وإن كان ناشئاً عن العلم بنجاسة أحد الأصليين إلا أن العلم بالنجاسة ليس منجزاً حتى يمنع تنجيزه لطرفيه من تنجيز العلم